ماألحكمة من زواج ألرسول صلى ألله عليه وسلم من إحدى عشرة إمراءة
فندت دار الإفتاء المصرية شبهة تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، ردًا على سؤال: “جاء فى القرآن: ﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا﴾ [النساء: 3]. وقد ذكرت الكتب المؤلفة عن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، أنه تزوج أكثر من إحدى عشرة امرأة، فكيف يكون رسولاً من رسل الله بهذه الصفة؟”.
الرد على الشبهة
مبنى هذه الشبهة أن السائل قد خلط بين طبائع البيئات المختلفة، فلكل عصر طبيعته التى يتأثر بها من يعيش فيها، وعصر الرسول صلى الله عليه وسلم قد انتشر فيه تعدد الزوجات، واتخاذ الجوارى، ومع ذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن زواجه رغبة فى كثرة النساء كما أشار السائل، وإنما كان زواجه صلى الله عليه وسلم يرجع إلى أسباب اجتماعية وتشريعية وسياسية يمكن بيانها على النحو التالى:
أولا: الأسباب الاجتماعية:
زواجه من السيدة خديجة رضى الله عنها، وهذا نضج اجتماعى، بحيث يتزوج الرجل المرأة العاقلة الرشيدة، وكان عليه الصلاة والسلام فى سن الخامسة والعشرين وظلت معه وحدها حتى توفيت وهو فى سن الخمسين.
وتزوج بعدها بالسيدة سودة بنت زمعة وكانت أرملة؛ لحاجة بناته الأربع إلى أم بديلة ترعاهن وتبصرهن بما تبصر به كل أم بناتها.
حفصة بنت عمر بن الخطاب تزوجها بعد وفاة زوجها إكراما لأبيها سـ3هـ.
السيدة زينب بنت خزيمة استشهد زوجها فى غزوة أحد فتزوجها سـ4هـ.
السيدة أم سلمة هند بنت أمية توفى زوجها ولها أولاد فتزوجها سـ4هـ.
فقد تبين من الزيجات السابق ذكرها أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بأرامل الشهداء الذين قتلوا فى جهاد المسلمين للمشركين لتطييب نفوسهن، ورعاية لأولادهن، فكان هذا تعويضًا من الله عز وجل لهن.
ثانيًا: الأسباب التشريعية:
زواجه من السيدة عائشة رضى الله عنها كان بوحى، حيث رأى فى المنام أنه تزوجها، ورؤيا الأنبياء وحى.
زينب بنت جحش زوجة زيد بن حارثة الذى كان يدعى زيد بن محمد بالتبنى، فنزل قول الله تعالى: ﴿وما جعل أدعياءكم أبناءكم﴾ [الأحزاب: 4] ﴿ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله﴾ [الأحزاب: 5] وبعد خلاف مع زوجها طلقت منه، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها لإقامة الدليل العملى على بطلان التبنى، وذلك سنة خمسة للهجرة.
ثالثًا: الأسباب السياسية:
كان لبعض زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم بعد سياسى من حيث ائتلاف القلوب والحد من العداوة وإطلاق الأسرى… إلخ، ومن ذلك:
زواجه بالسيدة جويرية بنت الحارث، سيد بنى المصطلق، من خزاعة، وقعت فى الأسر، تزوجها سنة 6هـ.
والسيدة أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان، تنصر زوجها وبقيت هى على إسلامها، وكان للزواج منها كبير الأثر فى كسر حدة أبى سفيان فى العداء للإسلام، حتى هداه الله.
والسيدة صفية بنت حيى بن أخطب كانت من سبى خيبر أعتقها الرسول وتزوجها سـ7هـ.
والسيدة ميمونة بنت الحارث تزوجها سـ7هـ.
مات من هؤلاء اثنتان فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهما: خديجة، وزينب بنت خزيمة، وتوفى الرسول صلى الله عليه وسلم عن تسع.
وأما الجوارى فهما مارية القبطية التى ولدت إبراهيم وتوفى صغيرًا، وريحانة بنت زيد القرظية.
إذن التعدد بدأ فى سن الثالثة والخمسين من عمره، فهل هذا دليل الشهوة؟ ومن يشتهى هل يتزوج الثيبات وأمهات الأولاد والأرامل؟ كيف وقد عرض عليه خيرة بنات قريش فأبى؟!
إن التعدد منه صلى الله عليه وسلم كله كان لحكم منها – فضلاً عما سبق- بيان كل ما يقع فى بيت النبوة من أحكام عملا بقوله تعالى: ﴿واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا﴾ [الأحزاب: 34] ولتتشرف به قبائل العرب بمصاهرته لهم، وللزيادة فى تألفهم لذلك، ولتكثر عشيرته من جهة نسائه فيزداد أعوانه على من يحاربه. ولنقل الأحكام الشرعية التى لا يطلع عليها الرجال؛ لأن أكثر ما يقع مع الزوجة مما شأنه أن يختفى مثله.
التعدد سنة الأنبياء بنصوص الكتاب المقدس:
ذكر الكتاب المقدس عددًا من الأنبياء وذكر عنهم التعدد؛ منهم:
– نبى الله إبراهيم عليه السلام، ذكر الكتاب المقدس له ثلاث زوجات؛ سارة [سفر التكوين (20: 12)]، هاجر المصرية [سفر التكوين (16: 3)]، قطورة [سفر التكوين (25: 1)]، وكذلك ذكر أنه كانت له سرارى [سفر التكوين (25: 6)].
– نبى الله يعقوب عليه السلام، كان له أربع نسوة فى وقت واحد؛ جاء فى سفر التكوين: “ثم قام فى تلك الليلة وأخذ امرأتيه وجاريتيه وأولاده الأحد عشر وعبر مخاضة يبوق” (32 : 22).
– نبى الله داود عليه السلام، ذكر العهد القديم له تسع نسوة:
1- أخينوعم اليزرعيلية.
2- أبيجايل امرأة نابال الكرملي.
3- معكة بنت تلماى ملك جشور.
4- حجيث.
5- أبيطال.
6- عجلة. [صموئيل الثانى ( 3 : 1-6)]
7- ميكال. [سفر صموئيل الثانى (6 : 23 )]
8- بثشبع امرأة أوريا. [سفر صموئيل الثانى ( 11 : 26 )]
9- أبيشج الشونمية. [سفر الملوك الأول ( 1 : 1- 5 )]
– نبى الله سليمان عليه السلام، ذكر العهد القديم أنه كانت له ألف امرأة؛ سبعمائة من الحرائر وثلاثمائة من السرارى.
“وكانت له سبعمائة من النساء السيدات وثلاثمائة من السرارى” [سفر الملوك الأول (11 : 3 )].
فهؤلاء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وداود وسليمان ذكر العهد القديم أنهم قد عددوا الزوجات، فالتعدد سنة الأنبياء ومنهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
الحمد لله.
“لله الحكمة البالغة، ومن حكمته: أنه سبحانه أباح للرجال في الشرائع السابقة وفي شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يجمع في عصمته أكثر من زوجة، فلم يكن تعدد الزوجات خاصا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان ليعقوب عليه الصلاة والسلام زوجتان، وجمع سليمان بن داود عليه الصلاة والسلام بين مائة امرأة إلا واحدة، وطاف عليهن في ليلة واحدة؛ رجاء أن يرزقه الله من كل واحدة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله.
وليس هذا بدعا في التشريع، ولا مخالفا للعقل، ولا لمقتضى الفطرة، بل هو مقتضى الحكمة، فإن النساء أكثر من الرجال حسب ما دل عليه الإحصاء المستمر، وإن الرجل قد يكون لديه من القوة ما يدعوه إلى أن يتزوج أكثر من واحدة لقضاء وطره في الحلال بدلا من قضائه في الحرام، أو كبت نفسه، وقد يعتري المرأة من الأمراض أو الموانع؛ كالحيض والنفاس، ما يحول بين الرجل وبين قضاء وطره معها، فيحتاج إلى أن يكون لديه زوجة أخرى يقضي معها وطره بدلا من الكبت، أو ارتكاب الفاحشة، وإذا كان تعدد الزوجات مباحا ومستساغا عقلا وفطرة وشرعا، وقد وجد العمل به في الأنبياء السابقين، وقد توجبه الضرورة، أو تستدعيه الحاجة أحيانا، فلا عجب أن يقع ذلك من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وهناك حكم أخرى لجمعه بين زوجات، ذكرها العلماء،
منها: توثيق العلاقات بينه وبين بعض القبائل، وتقوية الروابط عسى أن يعود ذلك على الإسلام بالقوة، ويساعد على نشره؛ لما في المصاهرة من زيادة الألفة، وتأكيد أواصر المحبة والإخاء.
ومنها: إيواء بعض الأرامل وتعويضهن خيرا مما فقدن، فإن في ذلك تطييبا للخواطر، وجبرا للمصائب، وشرع سنة للأمة في نهج سبيل الإحسان إلى من أصيب أزواجهن في الجهاد ونحوه.
ومنها: رجاء زيادة النسل؛ مسايرة للفطرة، وتكثيرا لسواد الأمة، ودعما لها بمن يؤمل أن ينهض بها في نصر الدين ونشره.
ومنها: تكثير المعلمات والموجهات للأمة مما تعلمنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلمنه من سيرته الداخلية.
وليس الداعي إلى جمعه صلى الله عليه وسلم مجرد الشهوة؛ لما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا ولا صغيرة إلا عائشة رضي الله عنها وبقية نسائه ثيبات، ولو كانت شهوته تحكمه، والغريزة الجنسية هي التي تدفعه إلى كثرة الزواج وتصرفه- لتخير الأبكار الصغيرات، لإشباع غريزته، وخاصة بعد أن هاجر وفتحت الفتوح، وقامت دولة الإسلام، وقويت شوكة المسلمين، وكثر سوادهم، ومع رغبة كل أسرة في أن يصاهرها، وحبها أن يتزوج منها، ولكنه لم يفعل، إنما كان يتزوج لمناسبات كريمة، ودواع سامية، يعرفها من تتبع ظروف زواجه بكل واحدة من نسائه.
وأيضا : لو كان شهوانيا لعرف ذلك في سيرته أيام شبابه وقوته يوم لم يكن عنده إلا زوجته الكريمة خديجة بنت خويلد وهي تكبره سنا، ولعرف عنه الانحراف والجور في قسمه بين نسائه وهن متفاوتات في السن والجمال، ولكنه لم يعرف عنه إلا كمال العفة والأمانة في عرضه وصيانته لنفسه، وحفظه لفرجه في شبابه وكبر سنه، مما يدل على كمال نزاهته، وسمو خلقه، واستقامته في جميع شؤونه، حتى عرف بذلك، واشتهر بين أعدائه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم” انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود ، الشيخ عبد الله بن غديان.
“فتاوى اللجنة الدائمة” (19/171-173) .
الحكمة من تزوج النبي تسع زوجات الحِكَم العامة من زواج النبي تسع زوجات تزوّج النبي -عليه الصلاة والسلام- بأكثر من أربع نساء، فقد تزوّج بإحدى عشر زوجة، وهذا من خصائصه التي لا يُشاركه فيها أحد، وذلك لمجموعةٍ من الحِكَم العامة والخاصة، ومن الحِكَم العامة ما يأتي:[١][٢]
الإكثار من عدد الذين يُشاهدون أحواله في بيته؛ وذلك لنشر صفاته وأخلاقه، وصدق نبوّته. نشر الأحكام الشرعيّة التي لا يراها الصحابة -رضي الله عنهم- وهو في بيته؛ وتعليم النساء العديد من الأحكام من خلال زوجات النبي -رضي الله عنهنّ-، كما يُساعد ذلك على البُعد عن الخطأ في نشرها وتوضيحها. إثبات حُسن خُلقه؛ من خلال زواجه باثنتين من بنات أعدائه، وكُنّ من أحبّ زوجاته إليه، كزواجه من صفية -رضي الله عنها-، وكان أبوها وعمّها وزوجها قد قُتلوا في غزواتٍ ضدّ المُسلمين، وتزوّج حبيبة بنت أبي سفيان الذي كان عدواً للإسلام والمسلمين، ومع ذلك فقد كانوا يحبّون النبيّ كثيراً، وكان النبيّ كثير الإحسان إليهنّ. تشريف بعض قبائل العرب، وتكثير أعوانه، بالإضافة إلى تأليف قُلوب بعض أعدائه. إكمال التشريع؛ فقد كان أمر تعدّد زوجات النبي -عليه الصلاة والسلام- لتحقيق بعض الأغراض التشريعيّة؛ كإبطال عادة التبنيّ، حيث كان مُنتشراً بين العرب أن يتّخذوا أبناءً لهم ويُلحقونهم بأنسابهم، ويُعاملونهم كأبنائهم في الحقوق من حيث الميراث وعدم زواج المحارم وغير ذلك، وسيأتي في المقال عند زواجه من السيّدة زينب بنت جحش تفصيلٌ لذلك. نشر السُنة النبويّة؛ وذلك بنقل كل فعلٍ أو قولٍ عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقد ذكر أهل الحديث أن الأحاديث التي روتها نساء النبي -عليه الصلاة والسلام- تجاوزت الثلاثة آلاف حديث، وأكثرهُنّ روايةً عائشة -رضي الله عنها-. تحقيق التكافل، وإعفافهنّ، والإنفاق عليهنّ، من خلال الرعاية والاهتمام ببعض الأرامل وأولادهنّ اليتامى؛ كزواجه بسودة بنت زمعة -رضي الله عنها- بعد وفاة زوجها، وهذه من الأعمال الصالحة والحِكَم الاجتماعيّة، بالإضافة إلى توثيق الروابط مع صحابته؛ كزواجه بعائشة -رضي الله عنها- بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وبحفصة بنت عُمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-.
الحكمة من زواج كل واحدة من زوجات النبي تزوّج النبي -عليه الصلاة والسلام- بأكثر من أربع زوجات، وكان لِكُل زواجٍ حِكمة خاصةً به، وفيما يأتي بيان ذلك: خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-: تزوّجها النبيّ بسبب ذكائها، وسداد رأيها، ونقائها، بالإضافة إلى مُساعدته في حمل الدعوة وأعبائها معه بعد أن أصبح نبيّاً، فكانت أوّل من أسلم به من النساء.[٣] سودة بنت زمعة -رضي الله عنها-: تزوّجها النبيّ للوقوف معها بعد وفاة زوجها؛ مخافة الفتنة والردّة بعد وفاته ورُجوعها إلى أهلها في مكة، بالإضافة إلى السّتر عليها، وتحقيق مقاصد دعويّة؛ بإسلام عددٍ كبير من قومها بعد زواجه بها، وردّ أقوال الطاعنين بشخصيّته؛ حيث اختار زوجةً كبيرةً في سن الخامسة والخمسين، وذلك بعد وفاة خديجة -رضي الله عنها-، فعرضت خولة بنت حكيم -رضي الله عنها- على النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يتزوّج، فقال: (ومن؟ قالَت: إن شئتَ بِكرًا وإن شئتَ ثيِّبًا. قالَ: منِ البِكرُ ومَنِ الثَّيِّبُ. فقالت: أمَّا البِكرُ فعائشةُ بنتُ أحبِّ خلقِ اللَّهِ إليْكَ، وأمَّا الثَّيِّبُ فسودةُ بنتُ زمعةَ قد آمنَت بِكَ واتَّبعتْكَ).[٤][٥] عائشة وحفصة -رضي الله عنهما-: تزوّج النبيّ بهما إكراماً لأبيهما وصاحبيه؛ أبو بكر وعُمر -رضي الله عنهما-.[٦] زينب بنت خُزيمة -رضي الله عنها-: فقد تزوّج من زينب -رضي الله عنها- بسبب حالتها بعد وفاة زوجها، وتضحيتها في سبيل الله -تعالى-؛ حيث كانت تقوم بإسعاف الجرحى في الجهاد، بالإضافة إلى صبرها وإخلاصها، وكان عمر النبيّ حينها خمس وخمسين سنة.[٧] أُم سلمة هند المخزوميّة -رضي الله عنها-: فكان زواجه منها تقديراً لظروفها الصعبة بعد وفاة زوجها واستشهاده في غزوة أُحد، ورعايته لأطفالها الأيتام، والحاجة إلى من يكفُلها ويرعاها.[٧] زينب بنت جحش -رضي الله عنها-: فقد تزوّجها النبي لإبطال عادة التبنيّ، والقضاء على عادة التفاخر بالحسب والنسب، فقد كان زيدٌ يُنادى بزيدٍ بن مُحمد، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما كُنَّا نَدْعُو زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ إلَّا زَيْدَ بنَ مُحَمَّدٍ حتَّى نَزَلَ في القُرْآنِ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هو أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} الأحزاب:5)،[٨] فجاء النبي -عليه الصلاة والسلام- لخِطبتها لزيد بن حارثة -رضي الله عنه-، فرفضت الزواج منه؛ لفضلها عليه في الحسب والنّسب، فلما نزل قول الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)،[٩] رضيت بالزواج به؛ طاعةً لله ورسوله، وبقيت عنده سنة، ثُمّ جاء يشكوها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ بسبب لسانها، وتعاظمها عليه بحسبها، فأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بالصبر عليها وعدم طلاقها، حتّى نزل في القرآن ما يأذن بذلك فطلّقها، وتزوّجها النبيّ؛ لإزالة عادة التبنيّ بزواجه من مُطلقّة مُتبنّاه بعد انقضاء عدّتها.[١٠] جويريّة بنت الحارث -رضي الله عنها-: تزوّجها النبيّ لرفع المُصاب الذي حلّ بها بعد وفاة زوجها؛ من العُبوديّة، وقتال قومها، وسبي نسائهم وذراريهم، فطلبت مُكاتبة نفسها؛ لإطلاق سراحها، وعجزت عن ذلك، فجاءت إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وقالت له: (يا رسولَ اللَّهِ، أَنا جوَيْريةُ بنتُ الحارثِ بنِ أبي ضرارٍ سيِّدِ قومِهِ، وقد أصابَني منَ البَلاءِ ما لم يخَفَ عليكَ، فوقَعتُ في السَّهمِ لثابتِ بنِ قيسِ بنِ الشَّمَّاسِ، أو لابنِ عمٍّ لَهُ، فَكاتَبتُهُ على نَفسي، فَجِئْتُكَ أستَعينُكَ على كِتابَتي)،[١١] فأشفق النبي -عليه الصلاة والسلام- لحالها، وطلب منها أن يدفع عنها كتابها ويتزوّجها؛ ليُعيد لها كرامتها وعزّتها، ويزيل عنها الأسى الذي حلّ بها، فقبلت بذلك، ولما سمع المُسلمون بهذا الزواج قاموا بإطلاق جميع الأسرى من بني المُصطلق؛ لأنهم أصهار النبي -عليه الصلاة والسلام-.[١٢] أُم حبيبة، وصفية، وميمونة -رضي الله عنهنّ-: فزواجه من أُم حبيبة بنت أبي سُفيان كان لكفالتها، ورعايتها، ومُساعدتها في البقاء على الإسلام، حيث هاجرت مع زوجها إلى الحبشة وتوفّي هُناك؛ فخشي النبي -عليه الصلاة والسلام- برجوعها أن تُجبر على الردّة، فخطبها النجاشيّ للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وفرحت بذلك ووافقت على هذا الزواج، مما ساعد إلى ميل قلب أبيها للإسلام والصُّلح، وأمّا زواجه بصفيّة فكان بعد مقتل زوجها في غزوة خيبر؛ لدعوة قومها من اليهود للإسلام، وعدم تآمُرهم على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأمّا زواجه بميمونة فكان لتهدئة الأوضاع بين المُسلمين وبين قومها الذي قتلوا سبعين من فُقهاء الصحابة، وكسبهم للإسلام، وليس على سبيل الضعف واتّقاء شرهم.[١٣]
نبذة عن زوجات النبي أكرم الله -تعالى- نبيّه -عليه الصلاة والسلام- بعددٍ من الزوجات من خيرة النّساء، وشرّفهنّ بالانتساب إليه، وجعلهنّ أُمّهاتٍ للمؤمنين؛ من حيث الاحترام والتقدير، وتحريم الزواج بهنّ بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، تكريماً لنبيّه الكريم ولهنّ، لقول الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله وَلاَ أَن تنكحوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلكم كَانَ عِندَ الله عَظِيماً)،[١٤] وهُنّ: السيدة خديجة بنت خويلد، وسودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر الصديق، وحفصة بنت عُمر بن الخطاب، وزينب بنت جحش، وزينب بنت خُزيمة، وأُم سلمة هند بنت أُميّة المخزوميّة، وأُم حبيبة رملة بنت أبي سُفيان، وميمونة بنت الحارث، وجويريّة بنت الحارث، وصفية بنت حُيي بن أخطب -رضي الله عنهنّ وأرضاهنّ-.[١٥]
السؤال
أريد أن أعرف العدد الأقصى من الزوجات التي كانت لدى النبي صلى الله عليه وسلم في وقت واحد؟ فهل كان لديه أكثر من أربع زوجات في وقت واحد؟وهل كن يسكن في بيت واحد في غرف مستقلة أم كن يسكن في بيوت مختلفة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أصحاب السير في عدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي دخل بهن على وجه التحديد، إلا أنهم اتفقوا على أنه دخل بإحدى عشرة امرأة هن: خديجة بنت خويلد أم أبنائه وبناته الأطهار، ولم يتزوج عليها غيرها مدة حياتها حتى توفاها الله تعالى، ثم عائشة بنت أبي بكر الصديق، وسودة بنت زمعة، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وزينب بنت خزيمة، وأم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة، وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن صخر، وصفية بنت حيي بن أخطب، وميمونة بنت الحارث، فهذه إحدى عشرة امرأة لا خلاف بين أصحاب السير والمؤرخين أنهن زوجات للنبي صلى الله عليه وسلم قد دخل بهن.
وأكثر من اجتمع عنده من هؤلاء تسع نسوة، وهن من سوى خديجة التي ذكرنا أنه لم يتزوج عليها أحداً من النساء في حياتها، وزينب بنت خزيمة التي توفيت في حياته سنة أربع للهجرة، وليس عنده حينئذ إلا عائشة وسودة وحفصة رضي الله تعالى عنهن جميعاً.
وقد توفي صلوات الله وسلامه عليه وعنده هؤلاء النسوة التسع.
وبذلك يعلم السائل أنه صلوات الله وسلامه عليه قد كان عنده أكثر من أربع زوجات في آن واحد، وذلك من خصوصياته، فيجوز له أن يجمع أكثر من أربع في عصمته بالإجماع.
وقد ذكر العلماء لجواز ذلك له صلوات الله وسلامه عليه حكماً عديدة جليلة، نوجز لك أهمها فيما يلي:
أولاً: الحكمة التعليمية التبليغية: وبيان ذلك أن الزوجة ألصق الناس بزوجها، وأعلمهم بحاله، وأجرؤهم على سؤاله، والزوج أيضاً أبوح لزوجته، وأكثر مصارحة لها في أمور كثيرة، وخاصة فيما يستحيا عادة من ذكره، فكان من الحكمة البالغة أن تكثر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لينقلن الخاص والعام من أقواله وأحواله وأفعاله التشريعية، ويسألنه عما لا يجرؤ غيرهن على أن يسأله عنه، ثم يبلغن ذلك للأمة، وقد حصل ذلك بالفعل، ومن تصفح دواوين السنة رأى أكبر شاهد على ذلك.
ثانياً: الحكمة الاجتماعية: وبيان ذلك أن زواجه بأكثر من أربع أتاح له الفرصة لتوثيق صلته ببطون قريش العديدة، مما جعل القلوب تلتف حوله، في إيمان وإكبار وإجلالاً فقد تزوج نسوة من قريش منهن بنتا وزيريه: أبي بكر وعمر.
ثالثاً: الحكمة السياسية: وهذه تتداخل وتتقاطع في بعض الحالات مع التي قبلها،فقد أتاح له زواجه بأكثر من أربع أن جمع عنده عدداً لا بأس به من بنات القادة، مما جعل له مكانة عند أهالي تلك النساء، إذ من العادة أن الرجل إذا تزوج من قبيلة أو بطن صار بينه وبين تلك القبيلة أو البطن قرابة بالمصاهرة، وذلك بطبيعته يدعوهم لنصرته وحمايته، ولا يخفى ما في ذلك من مصلحة الدعوة.
رابعاً: حكمة إظهار كمال خلقه كما وصفه ربه جل جلاله، حيث قال في شأنه (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
وبيان ذلك أنه جمع هؤلاء النسوة اللاتي هن من بطون شتى، وقد تربين في بيئات وحالات اجتماعية متفاوتة، إضافة إلى التفاوت الكبير في أعمارهن وارتباطاتهن الأسرية قبله، فمنهن الصغيرة البكر، ومنهم الكبيرة المسنة، ومنهن ذات الولد من غيره، ومنهن من كانت زوجة لرجل غني، ومنهن من كانت زوجة لرجل فقير، وآخر أمير، وآخر دون ذلك، فاستطاع صلوات الله وسلامه عليه بفضل الله تعالى عليه، ثم بما طبعه الله عليه من كمال خلقه، ورجاحة عقله، ورسوخ علمه وحلمه، وسعة صدره، وبالغ حكمته، استطاع بذلك أن يعطي كل واحدة منهن حقها ويعاملها حسب ما يليق بها، ويتناسب مع حالها، مع تحقيق كمال العدل بينهن، واستطاع أيضاً بذلك السلوك الرفيع، وتلك الإدارة الناجحة لهذه العلاقات الزوجية المتشعبة أن يحتوي كل ما من شأنه أن يكون سبباً لتأزم تلك الحياة الزوجية، وأن يمتص كل تلك الفوارق المشار إليها آنفاً لينسجم ذلك البيت الطيب المبارك الطهور في دعة واستقرار.
هذا في الوقت الذي يعجز فيه الواحد منا – إلا من رحم الله تعالى – أن يدير إدارة ناجحة بيتاً فيه امرأة واحدة قد بذل كل جهده في اختيارها على أسس كان يرجو من خلالها أن ينسجم معها، وتنسجم معه، ناهيك عن صاحب الاثنتين أو الثلاث أو الأربع.
ولا شك أن في تعامله صلوات الله وسلامه عليه – حسبما وصفنا – الأسوة الحسنة، والنموذج الأمثل لكل زوج مع زوجته مهما كان عمرها وحالتها الاجتماعية أو الثقافية.
وخلاصة ما نقوله للسائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصه ربه جل جلاله بأن أجاز له أن يتزوج بأكثر من أربع نسوة، وقد حصل ذلك بالفعل، وأن ذلك كان لحكم بالغة، ومصالح ملموسة راجحة على خلاف ما يشيعه بعض المغرضين المضللين من أعداء الإسلام الذين يحاولون قلب الحقائق بجعلهم الدافع للنبي صلى الله عليه وسلم على التعدد هو دافع شهواني فقط، وغفل هؤلاء أو تغافلوا عن النظر في حال من تزوجهن، حيث كن نساء كبيرات السن كلهن ثيبات ما عدا عائشة رضي الله تعالى عنها.
فلو كان الدافع دافعاً شهوانياً بحتاً لتزوج الفتيات الأبكار التي كان يرشد إليهن غيره، حيث قال لجابر مثلاً: “هلا تزوجت بكراً تلاعبها وتلاعبك” والحديث في الصحيحين وغيرهما.
ويقول أيضاً: “عليكم بالأبكار، فإنهن أعذب أفواهاً، وأنتق أرحاماً، وأرضى باليسير” رواه ابن ماجه وغيره.
فهو يعلم مكانة الأبكار من منظور الشهوة، ولكنه له أهداف أخرى نبيلة غير ذلك.
وأما سؤالك هل كانت أولئك النسوة يسكن في بيت واحد…
فالجواب أن كل واحدة منهن كانت تسكن في حجرة مستقلة، وكانت حجرهن لاصقات بالمسجد النبوي الشريف، ولم يكن لواحدة منهن بيت مستقل.
والله أعلم.
عرف أنبياء الله سنة تعدد الزوجات، ومنهم سليمان وداود، كما جاء في العهد القديم، واستمرت تلك السنة حتى جاء دين الإسلام فقننها [الإسلام عقيدة وشريعة للشيخ شلتوت]
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب خصوصية في أمر تعدد الزوجات، جازت له قبل سريان حكم التقييد بعدد لا يزيد على أربع لسائر المسلمين، وقد ارتبطت تلك الخصوصية بمصلحة الدعوة في وقتها.
إن الرجل الذي يملك الجزيرة العربية لم يكن ليمد يده لاغتراف الثروة التي تكفي زوجاته، بل كان بيته يشكو قلة المؤونة والزينة.[الموسوعة الإسلامية للعقاد]
ولم تنزل الآية التي حدَّدت التعدُّد بأربع إلا بعد أن تزوَّج النبي نساءه جميعًا.
يقول الله: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } [الأحزاب 50]
وقد نهى الله الرسول عن الزيادة على نسائه، وحرم أن تتزوج واحدة منهن بعد النبي، ووعدهن بالأجر العظيم على اختيارِهِنَّ الحياة معه رغم زهد العيش وتقشفه في بيت النبوة.
أغراض زواج الرسول
زواجه البشري قبل النبوة: لم يكن رسول الله راغبًا في النساء، بل كان همّه الأول الدعوة إلى الله، وكان معروفًا بالحياء والخلق القويم، وكانت زيجته الحقيقية قبل النبوة بالسيدة خديجة رضي الله عنها وهو في عمر 25 عامًا وكانت تكبره 15 عامًا ولها أبناء من زوجين سابقين، وظل معها حتى بلغ 50 عامًا.
وتزوج النبي بعدها بالسيدة سودة بنت زمعة، سنة 10 من البعثة وكانت أرملة مُسنة؛ لحاجة بناته الأربع إلى أم بديلة ترعاهن وتبصرهن بما تبصر به كل أم بناتها.[فتوى دار الإفتاء المصرية حول شبهة تعدد زوجات النبي]
جاءت زيجات النبي الأخرى بوحي من الله ولتحقيق العديد من الغايات السامية ومنها:
الوحي : تزوج رسول الله ابنة صاحبة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها بعد وحي جاءه مرتين في المنام، وقد قال: « أُريتك في المنام مرتين أرى أنك في سرقة من حرير ويقال: هذه امرأتك، فاكشف عنها فإذا هي أنت فأقول إنْ يكُ هذا من عند الله يمضِه» [رواه البخاري] وروت السيدة عائشة نحو 3000 حديث عن النبي وكانت أفقه النساء
إبطال العادات الجاهلية: وينطبق على زواج النبي بالسيدة زينب بنت جحش، زوجة زيد بن حارثة الذى كان يُدعى زيد بن محمد بالتبنى، فنزل قول الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: 4] وبعد خلاف مع زوجها طُلقت منه، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها لإقامة الدليل العملي على بطلان التبني، وذلك سنة 5 هـ.
تحقيق كمال النبوة: تزوج رسول الله من سيدات تنتمين إلى بيئات وحالات اجتماعية وأعمار متنوعة، وكان من غير الممكن لشخص غيره أن يراعي العدل بينهن في بيت واحد يسوده حسن الخلق وذكر الله، ودون أن يجري تأزم للحياة الزوجية.
الدعوة إلى الله والتبليغ عن رسوله: تمتعت العديد من زوجات النبي بالعلم الوفير، ومنهن السيدة عائشة رضي الله عنها التي روت عنه أكثر من 3000 حديث، وكان لأمهات المؤمنين دور رائد في تعليم النساء أمور دينهن؛ ومن ذلك أمور الطهارة والنفاس والجماع ونحوها، وكان رسول الله أشد حياء من العذراء في خدرها، فكان دور زوجاته معينًا له في إفهام النساء ما ينبغي معرفته على نحو صحيح.
إكرام صحابة الرسول وتوثيق العلاقة بهم: ومن ذلك زواج النبي بالسيدتين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها (تزوجها سنة 10 من البعثة وبنى بها بعد 3 سنوات)، وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها سنة 3 هـ
الرحمة بالأرامل في زمن الغزوات الكبرى: وقد تزوج العديد منهن ولدينا السيدة سودة بنت زمعة، السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب، السيدة أم سلمة بنت أبي سفيان، السيدة زينب بنت خزيمة، وقد تُوفي أزواجهن في المعارك جميعًا.
وكان زواج النبي من السيدة زينب بنت خزيمة مكافأة لها على عطفها على المساكين، ورحمة بها بعد مقتل زوجها عبدالله بن جحش.
تأليف قلوب القبائل وإطلاق الأسرى: تزوج النبي بالسيدة جويرية بنت الحارث ابنة سيد بني المصطلق وببركة زواجها تم إطلاق سراح الأسرى بعد الغزوة 6 هـ ووقوعها في الأسر. وينطبق الشيء نفسه على السيدة ميمونة بنت الحارث 7 هـ آخر زوجات النبي.
كسر شوكة الأعداء: وجرى ذلك مع السيدة صفية بنت حُيي بن أخطب، من بني إسرائيل، وكانت من سبي غزوة خيبر، وكان لزواجها أيضًا حكمة تتعلق بالزواج من أهل الكتاب وكسر شوكة اليهود. كما جرى ذلك مع ابنة أبي سفيان السيدة حبيبة أم سلمة .[فتوى دار الإفتاء المصرية]
والخلاصة كما يذكر المفكر الإسلامي العقاد:لم يكن زواج النبي المتعدد (امتيازًا) من امتياز القوة المسيطرة لتسخير المرأة في مرضاة خُيَلاء الرجل، وحبِّه للمتعة الجسدية، ولكنها كانت آية أخرى من معدن الأحكام القرآنية فيما تسفر عنه من عطف على المرأة من الجور، وللدور الذي ستلعبه أمهات المؤمنين كمشاعل نور للدعوة الإسلامية وإلا لكان فضل الأبكار الجميلات على الأرامل الكواهل.
[المرأة
لماذا تزوج النبي من تسع زوجات وحرم ذلك على غيره؟.. الشعراوي يجيبك
بقلم | superadmin | السبت 22 ديسمبر 2018 – 01:45 منسخ الرابط المختصر
من المعروف أصوليا أن الخطاب الموجه للنبي صلى الله عليه وسلم هو خطاب لأمته، لكن هناك أحكام كانت خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم لا تتفق فيها الأمة معه، كأن يجوز الجمع بين أربع زوجات للمسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم جمع بين تسع.
فائدة وخاطرة من الشيخ الشعراوي:
يقول العلامة الراحل، الشيخ محمد متولي الشعراوي: إن الله تعالى حينما أراد أن ينهي التعدد المطلق في الزوجات، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن من لديه أكثر من أربعة أزواج، أن يطلق ما هو أزيد من ذلك، وأن يبقي على أربعة.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان لديه تسعة من الأزواج، لكن لم يشمله الحكم، فلم تم استثناؤه؟
الاستثناء هنا في المعدود وليس العدد، فالله تعالى يقول: “لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا” (الأحزاب: 52).
إذ أنه أمره بأن يمسك التسعة، فإن توفين لم يتزوج بعدهن، إذن هذا ليس استثناء في العدد، لأن لو كان استثناه في العدد من تموت يأتي بأخرى مكانها، وإن متن جميعًا أتى بتسعة أخريات مكانهن.
تساؤل مفيد:
لم يستثن في العدد وإنما استثناء في المعدود، لماذا؟
يقول الشعراوي: لأن المتزوجة بغير رسول الله حينما يطلقها زوجها، ويمسك الأربعة الأخريات، تذهب وتتزوج من آخر.
لكن زوجات النبي أمهات المؤمنين محرمات على الغير، فأبقى الله على أزواجه، لكن بشرط ألا يتزوج ثانية، إذن فقد تم التضييق عليه ولم يوسع عليه.
هو استثناء في المعدود وليس في العدد، فالمتزوج من أربعة يمكن أن يطلقهن ويتزوج أربعة مكانهن كل شهر، لكن الله يقول له: “لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ…”.
تعدد زوجات النبي الحكمة ورد الشبهات
الله سبحانه وتعالى هو الذي أباح الزواج لنبيه بأكثر مما أباح لغيره ، كما أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد راعى المصلحة في اختيار كل زوج من أزواجه -رضي الله عنهن- في التشريع والتأديب، فجذب إليه كبار القبائل بمصاهرتهم، وعلم أتباعه احترام النساء ، ولو ترك واحدة فقط لما كانت تغني في الأمة غناء التسع ، ولو كان عليه السلام أراد بتعدد الزوجات ما يريده الملوك والأمراء من التمتع بالحلال فقط ؛ لاختار حسان الأبكار . يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا- رحمه الله-: إن الحكمة العامة في الزيادة على الواحدة في سن الكهولة، القيام بأعباء الرسالة، والاشتغال بسياسة البشر، ومساعدة البالغين على السياسة الرشيدة . فأما السيدة خديجة وهي الزوجة الأولى، فالحكمة في اختيارها وراء سُنة الفطرة معروفة. وقد عَقَدَ بعد وفاتها على سودة بنت زَمْعَة وكان توفي زوجها بعد الرجوع من هجرة الحبشة الثانية ، والحكمة في اختيارها أنها كانت من المؤمنات المهاجرات لأهليهن خوفَ الفتنة ، ولو عادت إلى أهلها بعد وفاة زوجها – وكان ابن عمها – لعذبوها وفتنوها فكفلها عليه الصلاة والسلام وكافأها بهذه المنة العظمى. ثم بعد شهر عقد على عائشة بنت الصديق والحكمة في ذلك كالحكمة في التزوج بحفصة بنت عمر بعد وفاة زوجها خنيس بن حذافة ببدر وهي إكرام صاحبيه ووزيريه أبي بكر الصديق وعمر – رضي الله عنهما – وإقرار عينهما بهذا الشرف العظيم . وأما التزوج بزينب بنت جحش فالحكمة فيه تعلو كل حكمة وهي إبطال تلك البدع الجاهلية التي كانت لاحقة ببدعة التبني كتحريم التزوج بزوجة المتبنى بعده وغير ذلك . ويقرب من هذه الحكمة الحكمة في التزوج بجويرية وهي برة بنت الحارث سيد قومه بني المصطلق فقد كان المسلمون أسروا من قومها مئتي بيت بالنساء والذراري فأراد عليه الصلاة والسلام أن يعتق المسلمون هؤلاء الأسرى فتزوج بسيدتهم فقال الصحابة عليهم الرضوان أصهار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا ينبغي أسرهم وأعتقوهم فأسلم بنو المصطلق لذلك أجمعون وصاروا عونًا للمسلمين بعد أن كانوا محاربين لهم وعونًا عليهم وكان لذلك أثر حسن في سائر العرب . وقَبْل ذلك تزوّج عليه السلام بزينب بنت خزيمة بعد قتل زوجها عبد الله بن جحش بأُحُد وحكمته في ذلك أن هذه المرأة كانت مِن فُضليات النساء في الجاهلية حتى كانوا يدعونها أم المساكين لبرها بهم وعنايتها بشأنهم فكافأها عليه التحية والسلام على فضائلها بعد مصابها بزوجها بذلك فلم يدعها أرملة تقاسي الذلّ الذي كانت تُجير منه الناس وقد ماتت في حياته . وتزوج بعدها أم سلمة واسمها هند وكانت هي وزوجها – عبد الله أبو سلمة بن أسد ابن عمة الرسول برة بنت عبد المطلب وأخوه من الرَّضاعة – أول من هاجر إلى الحبشة وكانت تحب زوجها وتجله حتى إن أبا بكر وعمر خطباها بعد وفاته فلم تَقْبل , ولمَّا قال لها النبي صلى الله عليه وسلم ( سلي الله أن يؤجرك في مصيبتك ويخلفك خيرًا ) . قالت : ومَنْ يَكُنْ خيرًا من أبي سلمة ؛ فمن هنا يعلم السائل وغيره مقدار مصاب هذه المرأة الفاضلة بزوجها ، وقد رأى عليه الصلاة السلام أنه لا عزاء لها عنه إلا به فخطبها فاعتذرت بأنها مُسِنّة وأُمّ أيتام فأحسن عليه السلام الجواب – وما كان إلا محسنًا – وتزوج بها ، وظاهرٌ أنّ ذلك الزواج ليس لأجل التمتع المباح له وإنما كان لفضلها الذي يعرفه المتأمل بجودة رأيها يوم الحديبية ولتعزيتها كما تقدم . وأما زواجه بأمّ حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن حرب فلعلّ حكمتُه لا تخفى على إنسان عرف سيرتها الشخصية وعرف عداوة قومها في الجاهلية والإسلام لبني هاشم ورغبة النبي صلى الله عليه وسلم في تأليف قلوبهم ، كانت رملة عند عبيد الله بن جحش ، وهاجرت معه إلى الحبشة الهجرة الثانية فتنصّر هناك وثبتت هي على الإسلام فانظر إلى إسلام امرأة يكافح أبوها بقومه النبيَّ ويتنصر زوجها وهي معه في هجرة معروف سببها ، أمن الحكمة أن تضيع هذه المؤمنة الموقنة بين فتنتين ؟ أم من الحكمة أن يكفلها من تصلح له وهو أصلح لها ؟ . كذلك تظهر الحكمة في زواج صفية بنت حيي بن أخطب سيد بني النضير وقد قتل أبوها مع بني قريظة وقتل زوجها يوم خيبر ، وكان أخذها دحية الكلبي من سيد خيبر فقال الصحابة : ( يا رسول الله إنها سيدة بني قريظة والنضير لا تصلح إلا لك ) ، فاستحسن رأيهم وأبى أن تذل هذه السيدة بأن تكون أسيرة عند من تراه دونها فاصطفاها وأعتقها وتزوّج بها ووصل سببه ببني إسرائيل وهو الذي كان يُنْزِلُ النَّاس منازلَهم . وآخر أزواجه ميمونة بنت الحارث الهلالية ( وكان اسمها برة فسماها ميمونة ) والذي زوجها منه هو عمّه العباس – رضي الله عنه – وكانت جعلت أمرها إليه بعد وفاة زوجها الثاني أبي رَهم بن عبد العزّى وهي خالة عبد الله ابن عباس وخالد بن الوليد فلا أدري هل كانت الحكمة في تزوجه بها تشعب قرابتها في بني هاشم وبني مخزوم أم غير ذلك . وجملة الحكمة في الجواب أنه صلى الله عليه وسلم راعى المصلحة في اختيار كل زوج من أزواجه – عليهن الرضوان – في التشريع والتأديب فجذب إليه كبار القبائل بمصاهرتهم وعلم أتباعه احترام النساء دون الرجال ، ولو ترك واحدة فقط لما كانت تغني في الأمة غناء التسع ، ولو كان عليه السلام أراد بتعدد الزوجات ما يريده الملوك والأمراء من التمتع بالحلال فقط ؛ لاختار حسان الأبكار على أولئك الثيبات المكتهلات كما قال لمن استشاره في التزوج بأرملة : ( هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك ) هذا ما ظهر لنا في حكمة التعدد ، وإن أسرار سيرته صلى الله عليه وسلم أعلى من أن تحيط بها كلها أفكار مثلنا . ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي : جاء الإسلام والزواج بأكثر من واحدة ليس له ضابط ولا قيد ولا شرط، فللرجل أن يتزوج من النساء ما شاء، وكان ذلك في الأمم قديمًا . حتى يروى في أسفار العهد القديم: أن داود كان له مائة امرأة، وسليمان كان عنده سبعمائة امرأة، وثلاثمائة سرية. فلما جاء الإسلام أبطل الزواج بأكثر من أربعة، وكان الرجل إذا أسلم وعنده أكثر من أربع نسوة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ” اختر منهن أربعًا وطلق سائرهن ” فلا يبقى في ذمته أكثر من أربع نسوة لا يزيد. والشرط الذي لابد من توفره في التعدد هو العدل بين نسائه، وإلا اقتصر على الواحدة كما قال تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ). (النساء: 3). هذا ما جاء به الإسلام. ولكن الله عز وجل خص النبي صلى الله عليه وسلم بشيء دون المؤمنين وهو أن أباح له ما عنده من الزوجات اللاتي تزوجهن، ولم يوجب عليه أن يطلقهن ولا أن يستبدل بهن من أزواج يبقين في ذمته، ولا يزيد عليهن، ولا يبدل واحدة بأخرى: (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا ). (الأحزاب: 52). والسر في ذلك أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لهن مكانة خاصة، وحرمة متميزة فقد اعتبرهن القرآن ” أمهات ” للمؤمنين جميعًا . وقال تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا). الأحزاب 6 ومن فروع هذه الأمومة الروحية للمؤمنين أن الله حرم عليهن الزواج بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا) الأحزاب 53 ومعنى هذا أن التي طلقها النبي صلى الله عليه وسلم ستظل محرومة طول حياتها من الزواج بغيره، مع حرمانها من الانتساب إلى بيت النبوة . وهذا يعتبر عقوبة لها على ذنب لم تجنه يداها. ثم لو تصورنا أنه أمر باختيار أربع من نسائه التسع، وتطليق الباقي، لكان اختيار الأربع منهن لأمومة المؤمنين، وحرمت الخمس الأخريات من هذا الشرف، أمرًا في غاية الصعوبة والحرج . فمن من هؤلاء الفضليات يحكم عليها بالإبعاد من الأسرة النبوية، ويسحب منها هذا الشرف الذي اكتسبته ؟ لهذا اقتضت الحكمة الإلهية أن يبقين جميعًا زوجات له، خصوصية للرسول الكريم . واستثناء من القاعدة (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). آل عمران 73 . أما الزواج من هؤلاء التسع من الأصل، لماذا كان ؟ فسر ذلك معلوم. وحكمته لم تعد خافية . فإن هذه الزيجات التي أتمها النبي صلى الله عليه وسلم كلها ليست لأي غرض مما يتقول المتقولون ويروج المستشرقون والمبشرون من إفك وكذب على هذا النبي العظيم . لم تكن الشهوة ولا الناحية الجنسية هي التي دفعت النبي عليه الصلاة والسلام أن يتزوج واحدة من هؤلاء . ولو كان عند هذا النبي العظيم ما يقال، وما يفتري الأفاكون الدجالون عليه، لما رأيناه وهو في شرخ شبابه وفي عنفوان حياته ومقتبل عمره يتزوج امرأة تكبره بخمسة عشر عامًا . فقد كان في الخامسة والعشرين وتزوج خديجة في سن الأربعين . وقد تزوجت من قبله مرتين . ولها أولاد من غيره وعاش مع هذه المرأة الكبيرة شبابه كله أسعد ما يكون الأزواج، حتى سمى العام الذي ماتت فيه ” عام الحزن “، وظل يثني عليها حتى بعد موتها، ويذكرها بكل حب وتقدير، حتى غارت منها – وهي في قبرها – عائشة رضي الله عنها. وبعد الثالثة والخمسين من عمره عليه الصلاة والسلام أي بعد أن توفيت خديجة وبعد الهجرة بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يتزوج نساءه الأخريات، فتزوج سودة بنت زمعة وهي امرأة كبيرة، لتكون ربة بيته. ثم أراد أن يوثق الصلة بينه وبين صديقه ورفيقه أبي بكر (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا) التوبة 40 فتزوج عائشة، وكانت صغيرة لا تُشتهَى ولكن تطييبًا لنفس أبي بكر. ثم رأى أن أبا بكر وعمر وزيرا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يكون لديه بمنزلة واحدة في ذلك، فتزوج حفصة بنت عمر، كما كان من قبل قد زوج علي بن أبي طالب ابنته فاطمة، وعثمان بن عفان ابنته رقية ثم أم كلثوم. وحفصة ابنة عمر كانت ثيبًا، ولم تكن على نصيب من الجمال أو الحسن . وكذلك أم سلمة، تزوجها ثيبًا، حيث مات زوجها أبوسلمة وكانت تظن زوجته أنه ليس هناك من هو أفضل من أبي سلمة . . إذ هاجرت معه، وأوذي كلاهما من أجل الإسلام، وأصابها ما أصابها . وكان زوجها قد علمها مما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم أن تقول حين تصيبها مصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون . اللهم آجرني في مصيبتي وأخلفني خيرًا منها. وحين قالت ذلك بعد وفاة زوجها، تساءلت في نفسها: من يكون من الناس خيرًا من أبي سلمة ؟ ! ولكن الله عز وجل عوضها خيرًا منه، وهو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . خطبها ليجبر مصيبتها ويجبر كسرها، ويعوضها عن زوجها بعد أن هاجرت وتركت أهلها وعادتهم من أجل الإسلام. وكذلك تزوج النبي صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث ليسلم قومها . ويرغبهم في دين الله . وذلك أن الصحابة بعد أن أخذوا السبايا في غزوة بني المصطلق وجويرية منهم، علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تزوج منها، فأعتقوا من عندهم من إماء ومن سبايا لأنهم أصبحوا أصهار النبي عليه الصلاة والسلام ومثلهم لا يسترقون . فكل واحدة من تلك الزوجات لها حكمة. وهذه المرأة وهي ابنة أبي سفيان، الذي كان يناويء المسلمين على رأس المشركين تركت أباها وآثرت الهجرة مع زوجها فرارًا بدينها، ثم يكون من أمر زوجها ما يكون، وتجد نفسها وحيدة في الغربة . . . فماذا يفعل النبي عليه الصلاة والسلام هل يتركها دون رعاية وعناية ؟ لا . . بل قام بنفسه ليجبر خاطرها ويهدئ من روعها . . فأرسل إلى النجاشي يوكله عن نفسه في زواجها ويصدقها عنه، وتزوجها وبينه وبينها بحار وقفار . . جبرًا لحالتها في مثل تلك الغربة . . وحكمة أخرى نذكرها، وهي: أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ابنة أبي سفيان يرجى أن يكون له أثر طيب في نفس أبي سفيان، قد يكفكف من عدائه، ويخفف من غلوائه في محاربة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ربطت بينهما هذه المصاهرة الجديدة. كل نسائه، لو بحثنا وراء زواجه منهن، لوجدنا أن هناك حكمة هدف إليها النبي صلى الله عليه وسلم من زواجه بكل واحدة منهن جميعًا . فلم يتزوج لشهوة، ولا للذة، ولا لرغبة دنيوية، ولكن لحكم ولمصالح، وليربط الناس بهذا الدين . وبخاصة أن للمصاهرة وللعصبية قيمة كبيرة في بلاد العرب، ولها تأثير وأهمية . ولذا أراد عليه الصلاة والسلام أن يجمع هؤلاء ويرغبهم في الإسلام، ويربطهم بهذا الدين، ويحل مشكلات اجتماعية وإنسانية كثيرة بهذا الزواج. ثم لتكون نساؤه عليه الصلاة والسلام أمهات المؤمنين، ومعلمات الأمة في الأمور الأسرية والنسائية من بعده . . يروين عنه حياته البيتية للناس، حتى أخص الخصائص، إذ أنه ليس في حياته أسرار تخفى عن الناس. ليس في التاريخ واحد إلا له أسرار يخفيها، ولكن النبي عليه صلاة الله وسلامه يقول: ” حدثوا عني . . ” تعليما للأمة وإرشادًا لها. وهناك حكم لا يتسع المقام لشرحها وتفصيلها، من أبرزها وأهمها: أنه عليه الصلاة والسلام قدوة حسنة للمسلمين في كل ما يتصل بهذه الحياة، سواء كان من أمور الدين أو الدنيا . . ومن جملة ذلك معاملة الرجل لزوجه وأهل بيته. فالمسلم يرى قدوته الصالحة في رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان زوجًا لامرأة ثيب، أو بكر، أو تكبره في السن أو تصغره، أو كانت جميلة أو غير جميلة، أو كانت عربية أو غير عربية، أو بنت صديقه أو بنت عدوه. كل هذه الصور من العلائق الزوجية يجدها الإنسان في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم على أكمل وأفضل وأجمل صورة. فهو قدوة لكل زوج، في حسن العشرة، والتعامل بالمعروف، مع زوجته الواحدة، أو مع أكثر من واحدة . . ومهما كانت تلك الزوجة، فلن يعدم زوجها الإرشاد القويم إلى حسن معاشرتها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم الزوجية. ولعل هذه الحكمة من أجل الحكم التي تتجلى في تعدد زوجات نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه.
11 زوجة.. تعرف على قصص زواج الرسول من أمهات المؤمنين
قصص زواج الرسول من أمهات المؤمنينكتب:حسام حربى
أخبار متعلقة
صور.. جامعة جنوب الوادي تنظم أمسية دينية “ليلة في حب رسول الله”الأوبرا تعرض وثائقي “السلام عليك يا رسول الله” للمرة الأولى كاملاتعرف على الصحابي “صاحب سر رسول الله” وسبب عدم مشاركته في غزوة بدرأستاذ شريعة: رسول الله ﷺ كان حريصا على سنة الفجر
فضل الله عز وجل زوجات النبي صلي الله عليه وسلم على سائر نساء العالمين، ولذلك أطلق عليهن اسم أمهات المؤمنين، وكما قال الله تعالي في القرآن الكريم “يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا”.
إحدى عشرة سيدة تزوجهن الرسول صلى الله عليه وسلم وبنى بهن، وتوفيت منهن اثنتان -خديجة وزينب أم المساكين، في حياته، وتوفي هو عن التسع البواقي. والحاصل أن زواجه صلى الله عليه وسلم كان لمصالح شرعية ودعوية، ومناسبات كريمة، ودواعٍ سامية، كتطييب الخواطر، وجبر المصائب، وتوثيق العلاقات لخدمة الإسلام، وبعضها بوحي من الله عَزَّ وجلَّ.
“ألوان” في السطور التالية ترصد ظروف وحكاية زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمهات المؤمنين، بالترتيب حسبما تزوجهم:
*خديجة بنت خويلد
تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في خمس وعشرين من عمره، وهي في الأربعين، وهي أولى زوجات الرسول، ولم يتزوج غيرها في حياتها.
والسيدة خديجة أم أولاد رسول الله كلهم عدا إبراهيم من السيدة مارية، ثم بعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من امرأة، وهي خير نساء الأمة، واختلف في تفضيلها على السيدة عائشة-رضي الله عنهن-، وهي أوّل امرأة آمنت بالله ورسوله من هذه الأمّة، وهي لم تسؤه قطّ ولم تغاضبه ولم ينلها منه إيلاء ولا عتب قطّ ولا هجر.
وبعث الله سبحانه وتعالى إليها السلام مع جبريل عليه السلام، فبلّغها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، فعن أَبِي هريرة رضِي اللَّه عَنْه، قال: “أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ-أي: قصب اللؤلؤ المجوف كالقصر المنيف- لاَ صَخَبَ فِيهِ- أي: لا صوت مرتفع، وَلاَ نَصَبَ- أي: لا مشقة وتعب” (متفق عليه).
*سودة بنت زمعة
تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة خديجة وقبل الهجرة، وكانت في سن السيدة خديجة رضي الله عنهما -أي السادسة والستين.
وسبب زواجه صلى الله عليه وسلم منها أنها كانت قد هاجرت مع زوجها إلى الحبشة فرارًا من قريش، فلما مات زوجها عادت إلى قريش وكاد أهلها من المشركين، أن يفتنوها في دينها وترتد إليهم، فكانت ثاني زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، حماية لدينها من الفتنة.
*عائشة بنت أبي بكر
كانت في نحو التاسعة من عمرها ولم يدخل بها النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد الهجرة، وكان زواجه صلى الله عليه وسلم منها لتوثيق صحبته بأبيها أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكانت جميع زوجات الرسول الكريم ثيبات، إلا السيدة عائشة حيث كانت البكر الوحيدة، ومن خصائصها: أنه كان ينزل الوحي في لحافها دون غيرها من زوجات الرسول، وأن الله سبحانه برأها مما رماها به أهل الإفك، وأنزل في عذرها وبراءتها وحيًا يتلى إلى يوم القيامة كما جاء في سورة النور، وكان الأكابر من الصّحابة- رضي الله عنهم- كان إذا أشكل عليهم أمر من الدّين، استفتوها، فيجدون علمه عندها.
*حفصة بنت عمر
تزوجها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، وكان زواج الرسول صلى الله عليه وسلم منها لتوثيق صحبته مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد كان الوزير الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
*زينب بنت خزيمة
وكانت في الستين من عمرها حينما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تُعمَّر عنده سوى عامين، وكان يقال لها أم المساكين، حيث قُتل زوجها في يوم غزوة أُحد، وكان زواج النبي صلى الله عليه وسلم منها إيواءً لها وتشجيعًا لها على إعانة المساكين.
* هند بنت أبي أمية (أم سلمة)
وهي مخزومية من بني مخزوم، وقد مات زوجها وهي شابة، وقد رأى النبي الكريم أنها ذات عيال ويحتاجون إلى من يرعاهم، وكانت هي وزوجها من المهاجرين وانقطعت عن ذويها وأقاربها، فلحقت بشرف أن أصبحت ضمن زوجات الرسول حماية ورعاية لها ولأولادها.
*زينب بنت جحش
كانت زوجة لزيد بن حارثة، فلما طلَّقها زيد (وكان قد تبناه النبي صلى الله عليه وسلم قبل تحريم التبني)، ثم نزل القرآن بتزوجه صلى الله عليه وسلم منها لهدف تشريعي: وهو رفع الحرج عن المؤمنين إذا أرادوا الزواج من مطلقات الأبناء بالتبني، وفي ذلك نزل قوله تعالى: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا) (الأحزاب:37)
*جويرية بنت الحارث
تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم لما انصرف من غزوة بني المصطلق، وكانت قد أسلمت فأطلق الصحابة من كان في أيديهم من الأسرى وقالوا: كيف نسترق أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فعُتق 100 من أهل بيت، لأنها أصبحت من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم.
*صفية بنت حُيي بن أخطب
أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب من بني إسرائيل، كانت في الجاهلية من ذوات الشرف والمكانة في قومها، وهي من نسل نبي الله هارون عليه السلام، كانت تدين باليهودية، تزوجها سلام بن مشكم القرظي ثم فارقها، فتزوجها كنانة بن الربيع النضري، فقتل عنها يوم خيبر،تم أسرها مع أختها يوم فتح خيبر وقد وقعت صفية في أول الأمر في نصيب دحية الكلبي، وعندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيه جارية فأذن له أن يأخذ جارية فأخذ صفية، فلما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إنها بنت ملك من ملوكهم، فكان من المصلحة العامة ارتجاعها منه واختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بها، فاصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم من السبي لنفسه، فأسلمت وحسن إسلامها، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم. كانت فاضلة عاقلة حليمة، توفيت في المدينة سنة خمسين للهجرة ودفنت في البقيع.
*رملة بنت أبي سفيان (أم حبيبة)
كانت قد سافرت مع زوجها إلى الحبشة ولكنه تنصَرَّ هناك، فكانت أم حبيبة في حيرة بين أن ترجع إلى أبيها الذي كان يحارب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت أو تفتن في دينها؛ فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم لحمايتها من الفتنة والرجوع إلى الشرك، وكذلك مصاهرةً لأبي سفيان وتأليفًا لقلبه، فقد كان من تقاليد العرب الاحترام للمصاهرة، وكان الصهر عندهم بابًا من أبواب التقريب بين العائلات.
* ميمونة بنت الحارث
وهي التي وهبت نفسها للنبي الكريم، ذلك أنها لما علمت بخطْبة النبي صلى الله عليه وسلم لها قالت: البعير وما عليها لله ورسوله، فنزل قول الله تعالى (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) سورة (الأحزاب:50).قد يعجبك ايضا
زوجات الرسول وسبب زواجه منهم .. اعرف الحكمة من التعدد
زوجات الرسول وسبب زواجه منهم ، جاء في القرآن: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: 3]، وقد ذكرت الكتب المؤلفة عن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم أنه تزوَّج أكثر من إحدى عشرة امرأة، فكيف يكون رسول من رسل الله بهذه الصفة؟ ونريد توضيح عن زوجات الرسول وسبب زواجه منهم.
زوجات الرسول وسبب زواجه منهم
ردت دار الإفتاء المصرية على هذه الشبهة مؤكدة أن مبناها أن السائل خلط بين طبائع البيئات المختلفة، فلكل عصر طبيعته التي يتأثر بها من يعيش فيها، وعصر الرسول صلى الله عليه وسلم قد انتشر فيه تعدد الزوجات، واتخاذ الجواري، ومع ذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن زواجه رغبة في كثرة النساء كما أشار السائل، وإنما كان زواجه صلى الله عليه وسلم يرجع إلى أسباب اجتماعية وتشريعية وسياسية يمكن بيانها على النحو التالي:
لماذا تعددت زوجات الرسول؟
أولًا: الأسباب الاجتماعية:
زواجه من السيدة خديجة رضي الله عنها، وهذا نضج اجتماعي، بحيث يتزوج الرجلُ المرأةَ العاقلة الرشيدة، وكان عليه الصلاة والسلام في سن الخامسة والعشرين وظلت معه وحدها حتى توفيت وهو في سن الخمسين.
تزوَّج بعدها بالسيدة سودة بنت زمعة وكانت أرملة؛ لحاجة بناته الأربع إلى أم بديلة ترعاهن وتُبَصِّرهن بما تُبَصِّر به كل أم بناتها.
حفصة بنت عمر بن الخطاب تزوجها بعد وفاة زوجها إكرامًا لأبيها سـ3هـ.
السيدة زينب بنت خزيمة استشهد زوجها في غزوة أحد فتزوجها سـ4هـ.
السيدة أم سلمة هند بنت أمية توفي زوجها ولها أولاد فتزوجها سـ4هـ.
فقد تبين من الزيجات السابق ذكرها أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بأرامل الشهداء الذين قُتِلُوا في جهاد المسلمين للمشركين لتطييب نفوسهن، ورعاية لأولادهن، فكان هذا تعويضًا من الله عز وجل لهن.
ثانيًا: الأسباب التشريعية:
زواجه من السيدة عائشة رضي الله عنها كان بوحي، حيث رأى في المنام أنه تزوجها، ورؤيا الأنبياء وحي.
زينب بنت جحش زوجة زيد بن حارثة الذي كان يُدْعَى زيد بن محمد بالتبني، فنزل قول الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾ [الأحزاب: 4] ﴿ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: 5] وبعد خلاف مع زوجها طُلِّقت منه، وأُمِرَ الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها لإقامة الدليل العملي على بطلان التبني، وذلك سنة خمسة للهجرة.
ثالثًا: الأسباب السياسية:
كان لبعض زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم بُعد سياسيٌّ من حيث ائتلاف القلوب والحدِّ من العداوة وإطلاق الأسرى … إلخ، ومِن ذلك:
زواجه بالسيدة جويرية بنت الحارث، سيد بني المصطلق، من خزاعة، وقعت في الأسر، تزوجها سنة 6هـ.
والسيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، تنصَّر زوجها وبقيت هي على إسلامها، وكان للزواج منها كبير الأثر في كسر حِدَّة أبي سفيان في العداء للإسلام، حتى هداه الله.
والسيدة صفية بنت حيي بن أخطب كانت من سبي خيبر أعتقها الرسول وتزوجها سـ7هـ.
والسيدة ميمونة بنت الحارث تزوجها سـ7هـ.
مات من هؤلاء اثنتان في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهما: خديجة، وزينب بنت خزيمة، وتوفي الرسول صلى الله عليه وسلم عن تسع.
وأما الجواري فهما مارية القبطية التي ولدت إبراهيم وتوفي صغيرًا، وريحانة بنت زيد القرظية.
إذن التعدد بدأ في سن الثالثة والخمسين من عمره، فهل هذا دليل الشهوة؟ ومن يشتهِي هل يتزوج الثيبات وأمهات الأولاد والأرامل؟ كيف وقد عُرِضَ عليه خيرة بنات قريش فأبى؟!
إن التعدد منه صلى الله عليه وسلم كله كان لحكم منها -فضلًا عما سبق- بيان كل ما يقع في بيت النبوة من أحكام عملًا بقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾ [الأحزاب: 34] ولتتشرف به قبائل العرب بمصاهرته لهم، وللزيادة في تألفهم لذلك، ولتكثر عشيرته من جهة نسائه فيزداد أعوانه على من يحاربه. ولنقل الأحكام الشرعية التي لا يطلع عليها الرجال؛ لأن أكثر ما يقع مع الزوجة مما شأنه أن يختفي مثله.
التعدد سنَّة الأنبياء
ذكر الكتاب المقدس عددًا من الأنبياء وذكر عنهم التعدد؛ منهم:
– نبي الله إبراهيم عليه السلام، ذكر الكتاب المقدس له ثلاث زوجات؛ سارة [سفر التكوين (20: 12)]، هاجر المصرية [سفر التكوين (16: 3)]، قطورة [سفر التكوين (25: 1)]، وكذلك ذكر أنه كانت له سراري [سفر التكوين (25: 6)].
– نبي الله يعقوب عليه السلام، كان له أربع نسوة في وقت واحد؛ جاء في سفر التكوين: “ثم قام في تلك الليلة وأخذ امرأتيه وجاريتيه وأولاده الأحد عشر وعبر مخاضة يبوق” (32 : 22).
– نبي الله داود عليه السلام، ذكر العهد القديم له تسع نسوة:
1- أخينوعم اليزرعيلية.
2- أبيجايل امرأة نابال الكرملي.
3- معكة بنت تلماي ملك جشور.
4- حجيث.
5- أبيطال.
6- عجلة. [صموئيل الثاني ( 3 : 1-6)]
7- ميكال. [سفر صموئيل الثاني (6 : 23 )]
8- بثشبع امرأة أوريا. [سفر صموئيل الثاني ( 11 : 26 )]
9- أبيشج الشونمية. [سفر الملوك الأول ( 1 : 1- 5 )]
– نبي الله سليمان عليه السلام، ذكر العهد القديم أنه كانت له ألف امرأة؛ سبعمائة من الحرائر وثلاثمائة من السراري.
“وكانت له سبعمائة من النساء السيدات وثلاثمائة من السراري” [سفر الملوك الأول (11 : 3 )].
فهؤلاء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وداود وسليمان ذكر العهد القديم أنهم قد عددوا الزوجات، فالتعدد سنَّة الأنبياء ومنهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
لماذا حرم ألإسلام ألخمر
Share on FacebookShare on TwitterShare on WhatsAppمن زاوية أخرى
هل حُرّم الخمر في الإسلام؟
د. عماد بوظو23 أكتوبر 2017
تحديد المحرم والمحلل في الإسلام يعتمد على وجود نص صريح في القرآن أو الحديث ويمكن اللجوء للقياس على حالات مشابهة عند عدم وجود نص لاستنتاج الأحكام المناسبة. موضوع الخمر أخذ حيزا كبيرا من السجالات بين المسلمين وانتهى إلى ما نراه اليوم من إجماع لدى رجال الدين المسلمين على تحريمه، ولكن المراجع التاريخية تدل على أن الوضع لم يكن كذلك في صدر الإسلام؟
ذكر الخمر في القرآن أربع مرات. الآية 67 من سورة النحل “ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون”، والبقرة 219 “يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون”، والنساء 43 “يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ..” والمائدة 90-91 “يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون”.كتب السيرة تحدثت عن أن الرسول والصحابة بمجملهم كانوا يشربون الخمر ويتهادونه
تدل هذه الآيات على أن تعاطي الخمر كان شائعا بين المسلمين في ذلك الوقت، وكان الهدف من هذه الآيات دعوة “المؤمنين” إلى تجنب الإفراط في شرب الخمر حتى يدركوا ما يقولونه في الصلاة وحتى لا تقع العداوة بينهم ولا يبتعدون عن ذكر الله، وهذا يتفق مع بقية الأديان السماوية التي لم تحرم الخمر ولكنها حضّت على تجنب الإفراط في تناوله. فلم تستخدم في هذه الآيات كلمة “تحريم” حول حكم شرب الخمر والتي استخدمت بآيات أخرى في القران للإشارة إلى تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير ونكاح المحارم إلخ. لم تتضمن هذه الآيات أي عقوبة أو حدود تترتب على شرب الخمر مثل آيات حدود القتل والسرقة والزنى، ولم تتضمن الآيات وصف شرب الخمر بالفاحشة كالآيات التي تحدثت عن الزنى والربى وغيرها.
كتب السيرة تحدثت عن أن الرسول والصحابة بمجملهم كانوا يشربون الخمر ويتهادونه. وفي شعر حسان بن ثابت بعد الدعوة ما يدل على ذلك، وبعض الروايات تقول إن آية لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قد نزلت من أجل مجموعة من الصحابة بينهم علي أخطأوا بتلاوة القرآن أثناء صلاتهم نتيجة السكر. وحسب كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد فإن عمر بن الخطاب عندما طعنه أبو لؤلؤة طلب نبيذا وشربه وهو على شفى الموت. وكتب السيرة تبيّن أن كل أبناء عمر ومحمد ابن أبوبكر وأغلب الصحابة في تلك الأيام كانوا يشربون الخمر. في العصر الأموي لا حاجة لتقديم أدلة على انتشار شرب الخمر على كل المستويات من قصور الخلفاء حتى العامة. وحسب مسند أحمد ابن حنبل فإن معاوية بن أبي سفيان كان يشرب المسكر، واستمر هذا الحال في العصر العباسي الأول حتى 230 هجري، وقصص هارون الرشيد وأبو نواس تعطي فكرة عن طبيعة الحياة في تلك الفترة، حتى أن أبو حنيفة النعمان المتوفى سنة 150 للهجرة وهو أكبر الأئمة الأربعة وصاحب المذهب الحنفي أول مذهب إسلامي مع جمهور علماء الكوفة في ذلك الوقت كانوا يبيحون شرب نبيذ الشعير والذرة وغيرها حتى ولو كانت مسكرة، أما الخمر المصنوع من العنب فشربه غير محرم عندهم لكن المحرم هو السكر منه. قال الحافظ ابن عبد البر الأندلسي “اختلف الفقهاء في سائر الأنبذة المسكرة فقال العراقيون: إنما الحرام منها المسكر، وهو فعل الشارب، أما النبيذ في نفسه فليس بحرام ولا نجس لأن الخمر العنب”.
بدأ تدوين الحديث في منتصف القرن الثاني الهجري لأنه كان ممنوعا في صدر الإسلام حتى لا يختلط الحديث مع القرآن، وازدهر في منتصف القرن الثالث حين ظهرت كتب الصحاح كالبخاري ومسلم واستمر تدوين الحديث حتى نهاية القرن الخامس. وتطرقت كتب الحديث لموضوع الخمر ولكن بروح وأحكام ومفردات مختلفة تماما عن القران، ومن أمثلة هذه الأحاديث: “كل شراب أسكر فهو حرام”، “كل مسكر خمر وكل خمر حرام”، و”لعن الله الخمر ولعن شاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها”، وكثير من الأحاديث الأخرى المشابهة.
نتيجة للاختلاف الكبير بين نبرة ومفردات هذه الأحاديث بالمقارنة مع القرآن، لجأ رجال الدين والمفسرون لعدة وسائل لتأكيد صحة أحاديثهم على حساب القرآن. ابتدأوا بالقول إن كلام الله في الآيات التي تتحدث عن الخمر من سورة النحل والبقرة والنساء قد تمّ إلغاؤه بالآيتين 90-91 من سورة المائدة التي نزلت قبل سنتين من وفاة الرسول، واستخدموا مصطلح “النسخ” للتعبير بصورة ملطفة عن عملية الإلغاء معتمدين على الآية 106 من سورة البقرة “ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير”.
وبتفسيرهم فإن الآيات المنسوخة يبطل العمل بها ويستعاض عنها بآيات أو حتى أحاديث أخرى أتت بعدها وألغتها. ولا يتفق كثير من الباحثين الإسلاميين مع القول بوجود آيات ناسخة ومنسوخة، ويرون أن القرآن هو كلام الله الصالح لكل زمان ومكان، وبما أنه حتى الآيتين 90-91 من سورة المائدة والتي قالوا إنها قد أبطلت آيات الخمر السابقة لها لا تتماشى مع حدّة هذه الأحاديث، فقد لجأوا لتغيير تفسير الآية نفسها من خلال تغيير معاني بعض الكلمات فيها، مثل الاجتناب وهو يعني بالعربية إعطاء الجنب لموضوع ما بما يؤدي إلى تحاشيه أو تفاديه، أعطوه معنى بعيدا عنه تماما وهو “أقصى درجات التحريم”، رغم أن أي شخص ملم باللغة العربية يعرف أن الاجتناب أخف كثيرا من التحريم ومعناه أقرب لكلمة غير مفضل أو مكروه، ثم كلمة رجس من عمل الشيطان والتي تشير إلى وساوس الشيطان جعلوا معناها “نجس”، وهذا لا يتماشى مع الآية نفسها فكيف تستخدم كلمة النجاسة لوصف الميسر المقرون مع الخمر في الآية، وهو ليس مادّة حتى تكون نجسة أو طاهرة، كما أن نجاسة الخمر التي يدّعونها لا تتفق مع أنهار الخمر التي أعدت في الجنة لذة للشاربين كما ورد في القرآن، وحسب تفسيرهم أصبحت سورة المائدة تشير إلى أن الخمر محرّم أشد التحريم كما أنه مادة نجسة. موضوع الخمر يقدم مثالا حول كيفية قيام رجال الدين بتغيير القرآن واللغة العربية لتتماشى مع أحاديثهم وتفسيراتهم ورؤيتهم الخاصة للدين
أما حول السيرة والأحاديث المتواترة التي تتحدث عن شرب الرسول والصحابة للخمر، فقد قالوا إن ما كانوا يشربونه في تلك الأيام هو النبيذ، ورغم أن هذا المشروب ما زال معروفا لليوم وهو نوع من الخمر لكنهم أصرّوا على أن “النبيذ” التي كان يحبها الرسول هي منقوع البلح والعنب والتي كان يشربها خلال الأيام الأولى من تحضيرها قبل تحّولها إلى خمر مسكر.
كما قالوا في أحاديث أخرى إن هناك حدودا قد فرضت على شرب الخمر وهي أربعين جلدة أيام الرسول وأبو بكر ثم جعلها عمر ثمانين جلدة، دون أن يقدّموا تفسيرا عن سبب عدم ذكر هذه الحدود في القرآن ولماذا يشددها عمر وما الذي استجد حتى يقوم بذلك، فعلاقته المعروفة بالخمر لا تنسجم مع كلامهم عن مضاعفته لعقوبة الجلد على شربها.
موضوع الخمر يقدم مثالا حول كيفية قيام رجال الدين بتغيير القرآن واللغة العربية لتتماشى مع أحاديثهم وتفسيراتهم ورؤيتهم الخاصة للدين والشريعة، وجعلوا التشكيك أو الاعتراض على هذه الرؤية بمثابة الخروج على أسس الدين. فقد أفتى كثير من رجال الدين المعاصرين بأن حكم تحريم الخمر معلوم في دين الإسلام بالضرورة ومن أنكر ذلك كفر وخرج من ملة الإسلام ويستباح دمه وماله، بعبارة أخرى يحلّل قتله. هذه عينة من فتاوى التطرف والإرهاب وطريق الإصلاح والتجديد الديني يبدأ بمواجهتها فكريا وحتى قانونيا.
د. عماد بوظوTwitterالآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن).
لماذا حرم الله الخمر؟
فريق عمل الموقع
تحريم الخمر في الإسلام والتي هي أم الخبائث كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم ولماذا حرمها الله تعالى مع بيان آثارها السلبية علي الفرد والمجتمع
حرم الله تعالى الخمر علي عدة مراحل وتدريجيا حتي حرمها بالكلية وقطعيا في قوله جل في علاه :” يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ” {المائدة: 90 } وذلك لأن العرب في الجزيرة كانوا مولعين بشربها وكان من الصعب علي شاربها أو مدمنها تركها مرة واحدة، لذلك كان لابد من العمل علي تهيئة النفوس لقبول هذا الأمر شيئا فشيئا، وذلك لأن شرب الخمر يتنافى مع الإدراك والوعي الذي يجب أن يكون عليهما العبد أثناء أداء العبادة والطاعة، وكذلك لما لها من آثار ضارة وخطيرة علي الفرد والمجتمع، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها ” الخمر أم الخبائث”، وقال عليه السلام ايضا:” ” الخمر أم الفواحش ، و أكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته “.
الخمر رجس من عمل الشيطان وأحد أدواته التي يستخدمها في صرف الناس وإبعادهم عن عبادة الله، يقول الله سبحانه وتعالى:” إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (المائدة :91).
الحكمة من تحريم الخمر
للخمر العديد من الآثار السلبية على الفرد والمجتمع، فتعاطي الخمور يؤدي إلي ظهور وانتشار الكثير من المشكلات الاجتماعية مثل الاغتصاب والفقر والبطالة والسرقة والعدوانية المفرطة وانهيار الأسرة وتفككها وزنا المحارم الذي يتم تحت تأثير تعاطي الخمر, فضلا عن الآثار السلبية من الناحية النفسية والانفعالية حيث يؤدي تعاطي الخمر الي حدوث ضعف في الذاكرة والإصابة بالاكتئاب وتقلب المزاج وتغير في الشخصية وتدهورها، أما من الناحية الصحية، فتعاطي الخمر يسبب العديد من الأمراض والمشكلات الصحية أهمها ما يلي:
- شرب وتعاطي الخمر يسبب الإصابة بأمراض الكبد مثل التهابات الكبد وتشمع الكبد.
- يؤدي تعاطي الخمر إلى فقدان المعدة تدريجيا لقدرتها علي العمل بشكل صحيح.
- كذلك يؤدي شرب الخمر الي زيادة نبضات القلب وربما فشل القلب.
- تعاطي الخمور يزيد من فرص الإصابة بسرطاني الحلق والمريء.
- يؤدي تعاطي الخمور علي المدى الطويل إلى ضعف المناعة ومقاومة الأمراض.
- الخمر يضعف ويقلل من القدرة على التفكير والكلام.
- يصاب مدمني الخمور بوذمة الرئتين الحادة والتي قد تؤدي إلى الوفاة.
- هناك علاقة وثيقة بين تعاطي الخمر والإصابة بأمراض السل.
- يسبب الخمر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وزيادة نسبة الكوليسترول وسوء التغذية ونقص الشهية للطعام, وهكذا يتبين لنا الحكمة التي من أجلها حرم الله الخمر والمفاسد المترتبة علي شرب الخمر، فالشريعة الإسلامية جاءت لجلب المصالح ودرء المفاسد.
عقوبة شارب الخمر
- أقر الإسلام عقوبة شارب الخمر وهى الجلد أربعين جلدة ولولي الأمر أن يزيدها ثمانين جلدة تعزيرا، لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قصة الوليد بن عقبة: (جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي)، ولحديث أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين).
- ومن شرب الخمر في الدنيا ولم يتوب إلى الله لن يشربها في الآخرة وإن أدخل الجنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها، حرمها في الآخرة». متفق عليه.
- وكذلك لا تقبل صلاته أربعين يوما، فعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شرب الخمر وسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا وإن مات دخل النار ، فإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ، فإن مات دخل النار ، فإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا ، فإن مات دخل النار ، فإن تاب تاب الله عليه ، وإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة . قالوا : يا رسول الله ، وما ردغة الخبال ؟ قال : عصارة أهل النار . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
ألشيخ إبن باز
أسباب تحريم الخمر
ووجب على أهل الإسلام أن يحرموها، وأن يحذروها، وسمعتم في كلام الشيخين ما يكفي ويشفي في بيان أضرارها وأخطارها، كان بعض الجاهلية ما يشربها، بعض الأحياء في الجاهلية فلا يشربونها يقولون: كيف نشربها نحن عقلاء ونشرب ما يجعلنا مجانين، كيف هذا؟ ومن جملتهم قيس بن عاصم المعروف كان يأبى أن يشربها وهو من كبار بني تميم، والذي قال فيه الشاعر:
وما كان قيس هلكه هلك واحد | ولكنه بنيان قوم تهدما |
……. المقصود أنه من أكابر بني تميم كان يقول: كيف أشربها وأنا عاقل تجعلني مجنونًا، وهو جاهل على الشرك، المقصود أن الخمر شرها عظيم، ولكن يزينها الشيطان للناس حتى يعبث بعقولهم، ويعبث بأعمالهم، ويعبث بأخلاقهم، وكلكم إلا من شاء الله يعلم ما يترتب عليها من الشرور، وقد نشرت الصحف وكتب الكتاب وكتب العلماء ما يترتب على الخمر ما لا يحصيه إلا الله عز وجل من الفساد، فربما قتل نفسه، وربما قتل أمه وأباه، وربما قتل زوجته وقتل أولاده أو ألقى نفسه في مهالك؛ لأنه لا عقل له، فشرورها وأخطارها وبلاؤها عظيم، ثم قد يدمنها وتنتهي به إلى الجنون مرة واحدة يصير مجنونًا، ولو لم يشربها فسد عقله، فشرها عظيم وبلاؤها كبير، والله حرمها في آية المائدة من وجوه كثيرة كما سمعتم في الندوة حرمها من وجوه سبعة:
أولًا: قال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90] والأنصاب هي أصنامهم التي يعبدونها من دون الله ويذبحون عندهم، وأزلامهم التي يقسمون بها كلها الله أبطلها وحرمها، فبين أن الخمر والميسر رجس من عمل الشيطان كالأنصاب والأزلام، فقوله: رِجْسٌ هذا يبين تحريمها وأنها خبيثة وأنها محرمة، رِجْسٌ محرم.
ثم قال: مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ هذا موجب ثاني لتحريمها وأنها من عمل الشيطان، وما كان من عمل الشيطان وجب تركه، ثم قال بعده: فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90]، وقوله: فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90] أعظم من حرمت عليكم، وأعظم من حرمتها عليكم قال: فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90]، يعني: ابتعدوا عنها ابتعدوا عن هذه الأمور واحذروها، اجعلوها في جانب بعيد مثلما قال في الشرك يقول سبحانه وتعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ [الحج:30]، الرجس من الأوثان هو الشرك عبر …… فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ [الحج:30] هذه من أعظم السياق الدالة على لزوم الابتعاد عما نهي عنه، فالمعنى ابتعدوا عنها غاية الابتعاد، واتركوها واحذروها، ثم قال: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90] فدل على أن الفلاح مرتب على تركها، وأن من تعاطها لن يفلح، نعوذ بالله.
ثم قال بعدها أمر رابع: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ [المائدة:91]، فدل على أنها توقع البغضاء والشحناء بين الناس، وهذا واقع، فإن متعاطيها لفساد عقله وإذا تفطن بعد ذلك لما ترتب على شربه لها ومع زملائه ومع أصحابه حصل في قلبه من الشحناء والبغضاء لهم ما الله به عليم، لما ترتب على تزيينهم له شرب الخمر من الفساد الكبير، ويقع بينهم من المضاربة والمقاتلة في شربها ما يجعلهم أعداء بعد ذلك، فهم عند شربها وسكرهم لا يعقلون، فربما تقاتلوا وتضاربوا، وسمعتم ما جرى لسعد لما شربوا الخمر وتناشدوا الأشعار وجرى في شعره ما يقتضي هجو بعض الحاضرين ضربه بعضهم ……. أنفه؛ لأنه لا يعقل، وربما قتل بعضهم بعضًا، وربما لاط بعضهم ببعض، فهم لا يعقلون، بل المجنون خير منهم، المجنون العادي خير منهم، هؤلاء مجانين يضربون ويقتلون.
ثم أتى بأمر خامس يوجب تحريمها وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ [المائدة:91] أيضًا هي من أسباب الصد عن ذكر الله، وعن طاعة الله، وربما بقي الأيام والليالي لا يعقل ولا يصلي.
ثم أتى بأمر سادس فقال: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:91] تهديد لهم وتوبيخ وتحذير، المعنى: انتهوا واحذروا هذا الأمر الخطير، ولهذا قال عمر رضي الله عنه لما سمع الآية: “انتهينا يا رب انتهينا” وانتهى المسلمون بعد ذلك وحذروها وأراقوا ما عندهم من الخمور، واستقاموا بحمد الله على دين ربهم، وأجمعوا على تحريمها، وأجمع المسلمون بعدهم على تحريمها، ووجب على أهل الإسلام أن يحذروها غاية الحذر.
ثم قال بعدها: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [المائدة:92]، فأمرهم بطاعة الله ورسوله في ترك الخمر والميسر والحذر من تعاطيها وأسبابها، فالواجب على المسلمين وعلى الدول الإسلامية أن تتقي الله في ذلك، وأن تجتهد في إزالة أسبابها، وإقامة الحد على أهلها، وكل ما يردعهم عليها أن تقيم الحدود، وعليها أن تعمل كل شيء يردعهم من منع توريدها ومنع صناعتها، وعقاب من يتعاطى ذلك ويروجها بالقتل أو بالضرب والسجن، ونحو ذلك من الروادع إذا لم ينته مروجوها وصناعها ومستوردوها لإضرار الناس، إذا لم ينتهوا بالتعزير والجلد والسجن جاز أن يقتلوا تعزيرًا للسلامة من شرهم، ومن مكائدهم، ولحماية المجتمع من أضرارهم.
- فتاوى وأحكام
- لماذا حرم الله الخمر ؟
من المعلوم في الإسلام أن الله سبحانه وتعالى لا يُحرِّم على الناس شيئا إلا لمصلحتهم في الدنيا والآخرة. وتحريم الخمر لا يَحيد عن هذه القاعدة. فقد كان تناوله من الأمور الشائعة أيام الجاهلية إلى أن جاء الإسلام فحرّمه بشكل تدريجي رأفةً بالناس ورحمةً بهم. وقد كان الناس يعتقدون آنذاك أن تحريمه راجع لكونه مُسكِرا يذهب العقل ويؤثر في العلاقة بين شاربه ومن حوله سلبا، لكن الأبحاث العلمية المعاصرة أظهرت أن تأثيرات شرب الخمر وعواقبه أعمق من ذلك، حيث تمتد لتشمل مخاطر صحية تؤثر في سلامة الجسم والعقل معاً.
وقبل الخوض في الحكمة من تحريم الخمر، نستعرض أدلة تحريمها. ففي القرآن الكريم، جاء تحريم الخمر في قوله الله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون]. ففي هذه الآية قرن الله الخمر بالأنصاب والأزلام وجعلها مساوية للشرك، ووصفها بالرجس الذي لم يُطلق في القرآن إلا على الأوثان ولحم الخنزير وهي من المحرمات، ثم أمر باجتنابها وقرن ذلك بتحصيل الفلَاح. أما من السُّنة فقد وردت في تحريم الخمر أحاديث كثيرة منها ما رواه مسلم عن ابن عمر أن النبي الكريم قال: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام). وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي الكريم قال: (لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن).
ولم يأت هذا التحريم اعتباطا بل لحكمة إلهية تراعي مصلحة العبد في الدنيا والآخرة. ومن مقتضيات هذه الحكمة أن الإسلام جاء بشريعة ترى أن ما كان نافعاً أو غلب نفعه فهو حلال، وما كان ضاراً أو غلب ضرره فهو حرام. والخمر بلا شك من الأشياء التي تضر أكثر مما تنفع مصداقا لقوله تعالى: [يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما]. ومن أضرار الخمر ومفاسدها أنها رجس من عمل الشيطان، وسبب لوقوع العداوة والبغضاء بين الناس، وأداة للصد عن ذكر الله وعن الصلاة.
وبالإضافة إلى ذلك، أظهرت الأبحاث العلمية الحديثة أن للخمر أضرارا تصيب عددا من أعضاء الجسم فتؤذيها. ومن ذلك، تأثيرها السلبي على الجهاز الهضمي حيث تؤدي إلى تمدد المعدة وارتخاءها، وتتسبب في انتفاخ البطن، ويكون شاربها عرضةً للإصابة بالتشمع الكبدي. وعلى صعيد الجهاز الدموي، يؤدي شرب الخمر إلى ارتفاع نسبة الكحول في الدم، وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع خطر الإصابة بالذبحة الصدرية. كما يتسبب شرب الخمر والإدمان عليها في أمراض أخرى تصيب غدة البروستانا، والكليتين، والجهاز العصبي.
وبعيدا عن تأثيراتها المرضية، يتسبب شرب الخمر والإدمان عليها في بروز ظواهر اجتماعية خطيرة كالاعتداءات الجنسية، وجرائم العنف كالقتل والسرقة، إضافة إلى ازدياد عدد حوادث السير وما ينتج عنها من قتلى وجرحى وخسائر مادية فادحة. لهذه الأسباب وغيرها، حرَّم الله تعالى الخمر وأمرنا باجتنابها، فهل نحن منتهون؟
مشاركة هذا المقال:بقلم: محمد الحياني
تحريم الخمر في الإسلام
13 ديسمبر2018تحريم الخمر في الإسلام
هل صحيح أن الخمر ليس محرَّماً في القرآن الكريم وإنَّما هو منظم فقط؟ وهل صحيح أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك لم يحرِّمه وإنَّما تحريمه عبارة عن فكرة اخترعها الفقهاء؟ أفتونا في ذلك بارك الله فيكم.الفتوى رقم:
96868
بارك الله فيكم، وحفظكم وأبعد عنَّا وعنكم كلَّ مكروه. وإنَّ تحريم الخمر من بديهيات أمور الدين المعلومة بالضرورة، وقد ثبت بالقرآن الكريم كما ثبت بالسنة النبوية وانعقد عليه إجماع علماء الأمة. وقبل سرد الأدلة التي استند إليها أهل العلم في تحريم الخمر، لا بد من التنبيه على أنَّ التشريع في الإسلام ينطلق من مصدرين أساسيين، هما: القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وأنَّ كل ما ثبت بالسنة الصحيحة فهو ثابت بالقرآن الكريم، قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7]. فالسنة بمثابة المذكِّرة المبينة للقرآن الكريم والشارحة له، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، فلا تجد في القرآن أن صلاة الظهر أربع ركعات وصلاة الصبح ركعتين مثلاً، ولا تجد فيه أن الزكاة الواجب إخراجها هي ربع العشر (%2.5) إلى غير ذلك من الأحكام التي وردت في القرآن مجملة وبينتها السنة النبوية المطهرة، نعم ستجد فيه ذلك في الآية التي ذكرنا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}. والصحابة والتابعون الذين نقلوا لنا السنة النبوية هم الذين نقلوا لنا القرآن، فالتشكيك في السنة تشكيك في القرآن، وبالتالي فهو تشكيك في دين الإسلام من أصله. ثم نرجع فنقول: استند أهل العلم في تحريم الخمر إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، فقد ثبت تحريم الخمر بالقرآن الكريم في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 90، 91]. وقد اتفقت كلمة المفسرين على أن هذه الآية قد حَرمت الخمر، بل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تفسيرها بذلك؛ ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله تعالى حرم الخمر، فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء فلا يشرب ولا يبع”. ولكن تحريم الخمر لم يأت دفعة واحدة وإنَّما جاء متدرجاً في شرعنا الإسلامي رفقاً بالناس واستئناساً لأنفسهم، لأنهم كانوا مولعين بشرب الخمر، فابتدأهم بآية سورة البقرة، ولم يسفههم فيما كانوا يتعاطون من ذلك، بل أنبأهم بعذرهم في قوله: {قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}، فلما نزلت هذه الآية تركها بعض الناس، وقالوا: لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير، ولم يتركها بعض الناس، وقالوا: نأخذ منفعتها ونترك إثمها، ثم نزلت آية سورة النساء: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} الدالة على تحريمها في أوقات الصلوات، دون الأوقات التي يصحو فيها الشارب قبل وقت الصلاة، فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم – إذا أقيمت الصلاة – نادى: ألا لا يقربن الصلاة سكران، فتركها بعض الناس، وقالوا: لا حاجة لنا فيما يشغلنا عن الصلاة، وشربها بعض الناس في غير أوقات الصلاة، ثم نزلت: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} الدالة على تحريمها تحريماً باتاً، حيث حصر أمرها في أنها رجس من عمل الشيطان أي: قذر وخبث مستقذر من تزيين الشيطان، وأمر باجتنابها أمراً جازما في قوله: فاجتنبوه، واجتناب الشيء: هو التباعد عنه، بأن تكون في غير الجانب الذي هو فيه. وعلق رجاء الفلاح على اجتنابها في قوله: لعلكم تفلحون، ويفهم منه أنه من لم يجتنبها لم يفلح، وهو كذلك، فصارت حراماً عليهم، ولذلك قال عمر رضي الله عنه لما نزلت هذه الآية: انتهينا. وأما السنة النبوية الصحيحة الثابتة: فقد وردت بتحريم الخمر في أحاديث كثيرة، منها ما في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي: “ألا إنَّ الخمر قد حرمت”، (صحيح البخاري) ومنها: “من شرب الخمر في الدنيا، ثم لم يتب منها، حُرِمها في الآخرة” (متفق عليه). ومنها: “كل شراب أسكر فهو حرام” (صحيح البخاري)، ومنها: «كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام» (صحيح مسلم). وقد ثبت علمياً خاصة في وقتنا المعاصر: أنَّ الخمر تسبب كثيراً من الأضرار الصحية على الكبد والقلب وغيرهما، فضلاً عما تسببه من المشاكل الاجتماعية. وننبه: إلى أن المسلم الحريص على دينه إذا أراد معرفة الحكم الشرعي في أمر ما فلا بدَّ أن يرجع إلى أهل التخصص، وخصوصاً إذا تعلق الأمر بتفسير القرآن الكريم، فلا يمكن للواحد منَّا اليوم أن يعتمد في فهمه للقرآن الكريم على مجرد كونه عربياً دون دراسته على أهل التخصص ودون الرجوع إليهم، فهذا أمر يرفضه الواقع كما يرفضه الشرع، ومن أوضح الأدلة على ذلك: أنَّ العربي غير المتخصص في اللغة – في عصرنا الحاضر – إذا قرأ القرآن سَتمر به عشرات بل مئات المفردات والجمل التي لن يتمكن من فهمها إلا إذا رجع إلى المفسرين، مع أنَّها بلسان عربي مبين، ولم يكن فهمها يشكل على العرب الذين كانوا موجودين زمن نزول القرآن حينما كانت لغة العرب وسليقتهم باقية على أصالتها لم تشبها شائبة، أما في العصور التي تلت ذلك فقد تغيرت لغة العربي وسليقته، وذلك راجع إلى أسباب وعوامل تاريخية معروفة من أهمها دخول أمم كثيرة من غير العرب في الإسلام حاملة معها موروثها اللغوي والفكري والثقافي وامتزاجها بالعرب وصيرورة الجميع أمة واحدة، فقد أدى ذلك إلى حدوث تغيرات كثيرات في اللغة العربية الجارية على ألسنة العرب فأهمل كثير من مفرداتها، وأدخلت إليها مفردات جديدة لم تكن من لغة العرب السالفين، كما أدى إلى تغير سليقة العربي عن طبيعتها، وهذا هو ما دعا أهل العلم إلى تدوين العلوم وتأليف الكتب في اللغة والبلاغة والأصول وغيرها من الفنون، فما بالك بعصر العولمة الذي نعيش فيه، والذي جعل العالم بمثابة المدينة الواحدة؟ فهل من المعقول أن أحدنا إذا احتاج إلى فهم مادة طبية أو قانونية مثلاً وكانت خارج مجال تخصصه يعتمد على نفسه ويقول إنه ليس بحاجة إلى متخصص يعتمد عليه في شرحها، ما دام عربياً والمادة مكتوبة باللغة العربية، أم إنه سيلجأ إلى مختص في ذلك المجال يعتمد عليه؟ فإذا كنا لا نطمئن في فهم مواد القوانين الوضعية والمواد الطبية وغيرهما من النصوص العلمية في مختلف المجالات إلا إذا رجعنا إلى المتخصصين، فكيف نقبل تفسير القرآن العظيم من غير المتخصصين فيه؟ وهل نشأ فكر التطرف والتكفير الذي يعاني منه المسلمون وغيرهم اليوم إلا من اعتماد غير المتخصصين على فهمهم القاصر في تفسير النصوص الشرعية دون الرجوع إلى تفسير وفهم الراسخين في العلم! وفقنا الله وإياكم لسلوك الصراط المستقيم، والله أعلم.
ملخص
تحريم الخمر من بديهيات أمور الدين المعلومة بالضرورة، وقد ثبت بالقرآن الكريم كما ثبت بالسنة النبوية وانعقد عليه إجماع علماء الأمة، والله تعالى أعلم.
السؤال
لماذا يحرم الإسلام شرب الكحول, حتى بكميات قليلة؟ وماذا يقول القرآن حول هذا الموضوع ؟.
الجواب
الحمد لله.
الكحول لا شك أنها تسكر ، وأن فيها من هذه المواد التي تذهب العقل ، وقد جاء في الحديث :
” كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام ” . فإذا كان كذلك فإنها تعتبر محرمة داخلة باسم الخمر التي تشرب للتسلي أو للتلذذ ، حرمها سبحانه ، وأخبر بانها إثم في قوله تعالى : ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) ، وإذا كان الإثم موجودا وهو كبير فإنه محرم . ولا شك أن هذه الكحول تضر العقل والجسم ، والله حرّم كل شيء يضر بالبدن والعقل ، ويُنهك القوى ، وكل شيئ فيه ضرر على الإنسان لا يجوز فعله ، لقوله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) ، وقوله : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) . ولأن هذا إفساد للمال ، وإسراف فيه وتبذير فيدخل في قوله تعالى : ( إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ).
أما استعمال الكحول في غير الشرب فقد يجوز إذا كان بكميات قليلة وخلط في الأطياب التي يتطيب بها في الثياب والبدن ، وذلك لأنه يحفظها عن التعفن ، ويسبب عدم تلويث هذه الثياب فلا بأس ، أما شربه فلا يجوز بحال .
الرد على من أنكر تحريم الخمر
- تاريخ النشر:الخميس 15 محرم 1423 هـ – 28-3-2002 م
- التقييم:
السؤال
(يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) لماذا لم يرد نص بتحريم الخمر ؟ مثال : ماهي الحكمة في عدم بداية الآية بكلمة حرم عليكم الخمر ؟ مثل حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ؟ هل هذا يعني أن الله سبحانه يعلم مسبقا بأن كثيرا من المسلمين سيشرب الخمر وسيلعب الميسر ولو من باب الاطلاع والمعرفه أو التجربه ؟ أرجو وأتمنى أن أحصل على إجابة وافية ومفصلة لأن هذا السؤال مهم بالنسبة لي . وجزاكم الله خيراً .لا مانع من نشر السؤال كي تعم الفائدة . تحياتي
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مما يسعى إليه أعداء الإسلام تشكيك المسلمين في دينهم عن طريق تشويه الإسلام، تارة وقدف الشبهات تارة، وجعل الأمور القطعية خاضعة للأخذ والرد والنقاش.
ونحن لا نعجب أن يكون هذا التشكيك والتشويه هو عمل أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والوثنيين، لأن الله تعالى يقول: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) [البقرة:217] لكن الذي نعجب له هو أن ينساق وراء هذه الدعاوى الهدامة قوم من بني جلدتنا يتكلمون بألسنتنا.
وننبه قبل الجواب إلى أن حرمة الخمر معلومة من دين الإسلام بالضرورة، من أنكرها كفر، وخرج من ملة الإسلام، وعلى الحاكم المسلم أن يستتيبه ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قتل.
وإليك أدلة تحريم الخمر في الكتاب والسنة والإجماع:
أما الكتاب: فيقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون* إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) [المائدة:90-91] وقد بينت هاتان الآيتان حرمة الخمر أعظم بيان، وذلك من وجوه:
الأول: أن الله قرن الخمر بالأنصاب والأزلام والتي قال الله تعالى عنها في آية أخرى:(ذلكم فسق) [المائدة:4] وقد فهم هذا المعنى الصحابة رضي الله عنهم، قال ابن عباس : لما حرمت الخمر مشى رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض، وقالوا: حرمت الخمر، وجعلت عدلاً للشرك: (أي معادلة ومساوية للشرك). رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وجاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن” .
الثاني: حكم الله على الخمر وما ذكر معها بأنه رجس، ولفظ الرجس لم يطلق في القرآن إلا على الأوثان ولحم الخنزير، وهو يدل على التنفير، والزجر الشديد.
الرابع: تعقيب الله تعالى على ذلك بقوله: (فاجتنبوه لعلكم تفلحون) والأمر بالاجتناب لفظ استخدم في الزجر عن الأوثان وعبادتها، فقال تعالى: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) [الحج:30] وقال: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) [النحل:36] وقال: (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها) [الزمر:17]. كما استخدم لفظ الاجتناب في ترك كبائر الذنوب والآثام، قال تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) [النساء:31] وقال تعالى: (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم) [النجم:32]
الخامس: أن الله رتب على هذا الاجتناب الفلاح بقوله: (لعلكم تفلحون) وتحصيل أسباب الفلاح واجب لازم.
السادس: أن الخمرة سبب للعداء والبغضاء بين المسلمين، قال تعالى: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر)
السابع: أن الخمرة سبب يقطع عن الله تعالى وعبادته وذكره، قال تعالى: (ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة)
الثامن: ختم الآية بقوله: (فهل أنتم منتهون) أي: بعد ذكر هذه الحجج كلها هل أنتم منتهون مقلعون؟! ولذا لما سمعها المؤمنون قالوا: قد انتهينا يا رب، قد انتهينا يا رب.
والذين ناقشوا في دلالة الآية على تحريم الخمر إنما أوقعهم في ذلك جهلهم المطبق باللغة والشرع معاً، وظنوا ظناً فاسداً أن التحريم لا يستفاد إلا من لفظ: حرم ويحرم، وهذا باطل، بل التحريم تدل عليه ألفاظ كثيرة: كلعن فاعله، أو الوعيد على فعله بالنار، أو ذكر أنه من الكبائر، أو الإخبار بأنه رجس… إلخ.
ثم إن القرآن نص على تحريم الخمر بلفظ التحريم، قال تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق) [الأعراف:33] فالإثم حرام، والله تعالى يقول عن الخمر: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير) [البقرة:219] فإذا كان الإثم حراماً، وكان في الخمر إثم كبير، كانت النتيجة أن الخمر حرام، وهذا واضح، كما هو مصرح به في الآيتين.
أما أدلة التحريم من السنة: فهي كثيرة فمنها: ما رواه مسلم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام” .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن”
وفي مسند أحمد بإسناد صحيح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أتاني جبريل فقال: (يا محمد، إن الله لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وساقيها، ومسقاها)”
وضرر الخمر على الفرد في دينه وجسمه وعقله ونفسه وماله مما لا ريب فيه، وكذلك ضررها على المجتمع والأسرة. ذلك كاف في تحريمها.
والله أعلم.
لماذا حرم ألأسلام ألربا
حكم الربا في الاسلام
تمت الكتابة بواسطة: طارق محمد
آخر تحديث: ١٢:٠٣ ، ١٤ أكتوبر ٢٠٢١
حُكم الربا في الإسلام يعد أكل الربا من الأمور المحرمة في الإسلام، وقد ورد تحريم الربا في الكتاب السنّة النبويّة، كما أجمع العلماء والسَّلف الصالح على تحريمه، وفيما يأتي بيان أدلّة التحريم:[١] أدلة تحريم الربا في القرآن الكريم ورد تحريم الربا في عدّة آياتٍ قرآنيّةٍ، وفيما يأتي تفصيل تلك المواضع: استنكر الله -سبحانه- الربا في القرآن، وبيّن أنّه مُنافٍ للفطرة السليمة، وفي المقابل استحسن الزكاة، قال -تعالى-: (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّـهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ).[٢] بيّن الله -تعالى- في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ*وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[٣] تحريم الربا قَطعاً، وبيَّن قُبحه، والآثار المُترتِّبة عليه؛ من ظلمٍ، وأكلٍ لحقوقٍ الآخرين، وغيرها من الآثار. قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّـهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)،[٤] فقد بيّن الله أنّ البيع يختلف اختلافاً قاطعاً لا رَيب فيه عن الربا، إذ إنّ أيّ زيادةٍ على رأس المال مُحرَّمةٌ؛ سواءً أكانت قليلةً، أم كثيرةً. أدلة التحريم في السنّة أكّدت نصوص السنّة النبويّة الصحيحة على تحريم الربا بألفاظٍ صريحةٍ، وقد بيّنت بعض الأحاديث الربا المنصوص على تحريمه في القرآن الكريم، كما حرّمت بعض الأحاديث أنواعاً أخرى من الربا لم يَرد ذكرها في القرآن، وفيما يأتي بيان تلك الأحاديث:[٥] أكّد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على تحريم الربا؛ فقال في خُطبة حجّة الوداع: (أَلَا وإنَّ كلَّ رِبًا في الجاهِلِيَّةِ موضوعٌ، لكم رؤوسُ أموالِكم لا تَظْلِمُونَ ولا تُظْلَمُونَ غَيْرَ رِبَا العباسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فإنه موضوعٌ كُلُّهُ).[٦] أكّد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على تحريم ربا النسيئة؛ فقال: (أَلا إنَّما الرِّبا في النَّسِيئَةِ)،[٧] ويُراد بربا النسيئة: الزيادة في أحد العِوضَين مقابل تأخير السداد. حرّمت السنّة النبويّة ربا البيع؛ فقد قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ، فإذا اخْتَلَفَتْ هذِه الأصْنافُ، فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ، إذا كانَ يَدًا بيَدٍ).[٨] فالرسول -عليه الصلاة والسلام- بيّنَ نوعاً من الربا يقع ببَيع أصنافٍ مُعيَّنةٍ، وتُقاس عليها غيرها من الأصناف؛ إذ يجب التماثل إن اتّحدَ الجنس، فعلى سبيل المثال يُباع الذهب بالذهب بالمقدار نفسه، وبالتقابُض في مجلس العقد، ولا يُشترَط التماثل إن اختلف الصنفان، وإنّما التقابُض. دليل التحريم في الإجماع أجمع السلف الصالح والعلماء من بعدهم على تحريم الربا بأنواعه جميعها.[٥] الحكمة من تحريم الربا على المسلم أن يمتثل لأمر الله؛ سواءً عَلِم الحكمة من الأمر، أم لم يعلمها، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)،[٩] ومع ذلك فقد اجتهد العلماء في بيان الحكمة من تحريم الربا، ويُذكَر من تلك الحِكم:[١٠] الحَدّ من الإسراف، والرفاهيّة المُبالغ فيهما، وتجنُّب الإفراط في استهلاك الأصناف التي تعتمد عليها حياة الناس؛ فالإسراف من الأمور المذمومة. تجنُّب غِشّ الناس لبعضهم البعض، والحرص على حفظ الأموال من الهلاك، أو الضياع. منع الاحتكار؛ إذ إنّ شيوع التقايُض في أصنافٍ مُعيَّنةٍ يُؤدّي إلى حصر التبادُل فيها. تشجيع الناس على استخدام النقود كوسيطٍ للتبادل، فإن ترتّب الربا على كلّ معاملةٍ ماليّةٍ، فإنّه يُؤدّي بالتالي إلى انعدام المعاملات الماليّة، وممّا يُؤيّد ذلك قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (بعِ الجَمْعَ بالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا، وَقالَ في المِيزَانِ مِثْلَ ذلكَ).[١١] مَنع ما يُؤدّي إليه ارتكاب نوعٍ من الربا إلى الوقوع في نوعٍ آخرٍ؛ فعلى سبيل المثال قد تؤدّي الزيادة في أحد البدلَين، مع التقابُض في مجلس العقد إلى الزيادة الكُبرى مقابل تأخير التقابُض؛ أي أنّ ربا الفضل قد يُؤدّي إلى ربا النسيئة؛ ولهذا تُحرَّم أيّ وسيلةٍ تُؤدّي إلى الوقوع في مُحرَّمٍ. مَنع الظلم؛ إذ إنّ في الربا أخذٌ للمال من غير عِوَضٍ، وأكلٌ لأموال الناس بالباطل، كما أنّ آخذ الربا ينال المال دون تعبٍ أو جهدٍ، وإنّما يحصل عليه مقابل تعب الآخر، ودون أن يتعرّض ماله لربحٍ، أو خسارةٍ.[١٢] مَنع القعود عن العمل، والسَّعي، والاكتساب بالمنافع المُباحة، كالتجارة، والزراعة، والصناعة، وغيرها من الأموال، الأمر الذي من شأنه تحقيق الغاية من عمارة الأرض، وهو ما لا يؤدّي إليه التعامل بالربا.[١٢] الحثّ على البِرّ، والخير، والمعروف بين الناس؛ فالربا يؤدّي إلى قَطع التراحُم، وعدم التعاون، أو المواساة بينهم.[١٢] للمزيد من التفاصيل عن أضرار الربا الاطّلاع على مقالة: ((أضرار الربا)) أثر الربا في العقود اختلف العلماء في الحُكم على البيع الذي خالطه الربا، وذهبوا في خِلافهم إلى قولَين، بيانهما فيما يأتي:[١٣] القول الأول:بطلان العقد الربوي قال به جمهور العلماء من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة، وعليه فإنّه يُفسَخ العقد ولا يجوز بأيّ حالٍ؛ إذ إنّ الربا من الأمور المُحرَّمة في الشرع، والمَنهيّ عنها، والنهي في الشريعة يدلّ على التحريم. وقد استدلّوا بما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-: (جَاءَ بلَالٌ بتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مِن أَيْنَ هذا؟ فَقالَ بلَالٌ: تَمْرٌ كانَ عِنْدَنَا رَدِيءٌ، فَبِعْتُ منه صَاعَيْنِ بصَاعٍ لِمَطْعَمِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ عِنْدَ ذلكَ: أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا، لا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ التَّمْرَ فَبِعْهُ ببَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِ بهِ).[١٤] القول الثاني: فساد العقد الربوي عدَّ الحنفيّة العقدَ الذي فيه ربا من العقود الفاسدة، ويترتّب على البيع الفاسد مِلك العِوض قَبضاً، ووجوب رَدّه إن كان العِوض قائماً، أو رَدِّ قيمته، أو ما يماثله. إذ يُفرّق الحنفيّة في فقه المعاملات بين الباطل، والفاسد؛ فالباطل ما لم يترتّب عليه أيّ أثرٍ للمعاملة، أمّا إن ترتّب الفسخ في الشرع فهو يُعَدّ فاسداً، وإن ترتّبت الآثار جميعها فيُعَدّ صحيحاً.
لماذا حرم الله الربا ؟
آخر تحديث: 16 ديسمبر 2019 , 15:02
لم يحرم الله شيء على الإنسان ألا وكان له الكثير من الأضرار عليه ، ومن الأشياء التي حرمها الله على الإنسان الربا ، وقد حرم الله الربا لما به من أثار سلبية على الإنسان والمجتمع ، فيعتبر الربا مخاطرة كبيرة بالأموال وهو يؤثر على أقتصاد البلاد ، كما أن الربا يشعل نار الفتنة والكراهية بين الناس ويجعلهم يبغضون بعضهم البعض ، وغيرها العديد من الأضرار والآثار السلبية التي يسببها الربا للفرد والمجتمع .
تعريف الربا
: تعني كلمة ربا في اللغة العربية ” الزيادة ” فقال تعالى (فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) ، وقال سبحانه وتعالى: (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ) ، ومعني ذلك أن الربا هو زيادة الشىء سواء كان بشىء أخر أو بنفس الشىء ، بمعنى تبديل الدرهم بدرهمين او جرام الذهب بجرامين أو غير ذلك .
متى بدأ التعامل بالربا
: بدء الربا منذ قديم الازل فقد تعامل اليهود به منذ أقدم العصور ، وكانوا لا يتعاملون بالربا مع بعضهم البعض ولكن كانوا يتعاملون به مع أصحاب الدينات الأخرى ، وقد أنتشر الربا في أيام الجاهلية وكان يتم التعامل به كثيرا فكان هو التجارة الرئيسية عند الكثير من الناس .
أنواع الربا
ربا الدين :- هو من أكثر أنواع الربا انتشاراً وهو الربا الذي تم تحريمه في القرآن الكريم ،وانتشر هذا النوع من الربا منذ أيام الجاهلية ومازال منتشرا حتى الان حيث تتعامل به البنوك ، ومعني هذا النوع من الربا أنه يتم الزيادة في الدين كلما طال أجل سداد هذا الدين .
ربا البيوع:- وهذا النوع من الربا يعني بيع أي شيء بمثيله أو بشىء يختلف عنه ولكن بزيادته وينقسم هذا النوع من الربا إلى نوعين وهما ربا الفضل وربا النسية
ربا الفضل:- ويعني أن يتم البيع أو المبادلة على بديلين من نفس النوع مع زيادة أحد العوضين عن العوض الأخر ، وهذا النوع من الربا منتشر حاليا في البنوك حيث أن البنك يقوم بإعطاء قرض مقابل تسديده بعد مدة معينة مع أضافه نسبه أرباح على الأموال التي تم أقتراضها وتزيد هذه الأرباح كلما طالت مدة السداد .
ربا النسية :- ويقصد به مضاعفه القيمة ، وهذا النوع منتشر بكثرة ، وومثل على ذلك أذ إعطى شخص لشخص آخر خمسون دينار فيكون على الأخر أن يردوهم بعد فترة زمانية محددة مائه دينار .
تحريم الربا : حرم الله الربا تحريما شديدا وتوعد في القرآن الكريم لكل شخص يتعامل به، فذكر الربا في الكثير من الأيات القرآنية يدل على شدة حرمانية التعامل به فقال سبحانه وتعالى ( وأحل الله البيع وحرم الربوا) (يمحق الله الربوا ويربي الصدقت)(يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربوا إن كنتم مؤمنين*فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) وفي هذه الأيات الكريمة يحذر الله المؤمنين من التعامل بالربا ويتوعد لكل من يتعامل به بعدم المباركة له في أمواله ، كما انه سيجد غضباً شديداً من الله تعالى والرسول صلي الله عليه وسلم .
أسباب تحريم الربا
: حرم الله الربا للعديد من الأسباب ومنها ، أن الربا يقطع الود والمحبة بين الناس فعندما يعطي شخص أموال لشخص آخر على أن يعيد الأخر الاموال بنفس قيمتها يزيد ذلك من الحب وخلق جو من الألفة بين الناس أما عند حصول الشخص على فائدة مادية فأن ذلك يزيد من الشعور بالكراهية والحقد بين الناس ، الربا يزيد صاحب المال غنى ويزيد المحتاج إلى المال فقرا فالمحتاج يلجىء الى الربا لسد حاجته لذا فهو غير قادر على سد الأموال بزيادة الفوائد عليها كما يزيد في الفروقات بين طبقات المجتمع ، يحصل صاحب الأموال على الكثير من الأموال دون تعب أو جهد والله يحب كل أنسان يعمل من أجل جلب الرزق الحلال .
البديل الإسلامي للربا
يوجد بديل شرعي لم يحرمه الله بدلا من الربا وهو وجود مؤسسات تمولية يشارك فيه الشخص بأمواله على أن يتم أستخدام هذه الأموال في تجارة حلال ويأخذ الشخص أرباحه من الأموال حسب المكسب أو الخسارة بشرط عدم تحديد المكسب مسبقاً .
الحكمة من تحريم الربا
- تاريخ النشر:الأربعاء 5 محرم 1425 هـ – 25-2-2004 م
- التقييم:
رقم الفتوى: 11446
السؤال
ماهي الحكمة الربانية من تحريم الربا مع العلم أن بعض الذين يتعاطونه وخاصة البنكية منه ويتعللون بأن أخذ القروض الربوية لا يضر أي طر ف.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أورد الفخر الرازي وغيره خمسة أوجه لتحريم الربا، فقال:
(المسألة الرابعة: ذكروا في سبب تحريم الربا وجوهاً:
أحدها: الربا يقتضي أخذ مال الإنسان من غير عوض، لأن من يبيع الدرهم بالدرهمين نقداً أو نسيئة، فيحصل له زيادة درهم من غير عوض، ومال الإنسان متعلق حاجته، وله حرمة عظيمة، قال عليه الصلاة والسلام: “حرمة مال الإنسان كحرمة دمه”.
فوجب أن يكون أخذ ماله من غير عوض محرماً…
وثانيهما: قال بعضهم: الله تعالى إنما حرم الربا من حيث إنه يمنع الناس عن الاشتغال بالمكاسب، وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الدرهم الزائد – نقداً كان أو نسيئة – خف عليه اكتساب وجه المعيشة، فلا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة، وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق، ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات والحرف والصناعات والعمارات.
وثالثها: قيل: السبب في تحريم عقد الربا، أنه يفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس من القرض…
ورابعها: هو أن الغالب أن المقرض يكون غنياً، والمستقرض يكون فقيراً، فالقول بتجويز عقد الربا تمكين للغني من أن يأخذ من الفقير الضعيف مالاً زائداً، وذلك غير جائز برحمة الرحيم.
وخامسها: أن حرمة الربا قد ثبتت بالنص، ولا يجب أن يكون حكم جميع التكاليف معلومة للخلق، فوجب القطع بحرمة عقد الربا، وإن كنا لا نعلم الوجه فيه).
التفسير الكبير للإمام الرازي (3/74) عند تفسير الآية رقم (275) من سورة البقرة. وانظر التحرير والتنوير لابن عاشور (3/85).
وأما قولك: بأن بعض الذين يتعاطون الربا، وخاصة الصور البنكية منه، ويتعللون بأن أخذ القروض الربوية لا يضر أي طرف فيجاب عنه بأن هذا تعليل باطل، والضرر حاصل، والمفاسد ظاهرة من محق البركة، ومحاربة المرابي لله ورسوله، وتكدس الأموال في يد حفنة قليلة من الناس دون غيرهم، وأخذ أموال الناس بالباطل، إضافة إلى غضب الله وسخطه على المرابين، ويكفي أن نذكر بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه” رواه الحاكم وصححه.
وبقوله صلى الله عليه وسلم: “درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية” رواه أحمد.
وقد لعن الله المرابين والمتعاونين معهم، قال صلى الله عليه وسلم: “لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه. وقال: هم سواء” رواه مسلم.
وأي ضرر أعظم على المرء من أن يكون في موقف من أعلن عليه الحرب من الله.
والله أعلم.
لماذا حرم الله الربا؟ وما هو الربا؟ وما هي أنواع الربا؟
تحرير: راندا أخر تحديث 23 يوليو 2021
لماذا حرم الله الربا؟ ذكر الله تحريم الربا في القرآن الكريم والسنة النبوية كما سوف نرى عبر موقع زيادة ، كما ورد في السنة النبوية وقال العلماء والسلف الصالح والتأكيد على تحريمه، ولا يحرم الله تعالى شيئا على البشر إلا لما يوجد ما به من ضرر، الربا جزء من أشياء كثيرة محرمة على الإنسان، في الربا يعتبر خطر كبير بالأموال وله تأثير على اقتصاد البلد، في الربا سبب في إشعال الفتنة والكره والبغضاء بين الناس.
تعريف الربا
يعرف أن الربا في اللغة العربية هي “الزيادة” ففي قوله تعالى (فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ), وقال سبحانه وتعالى: (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ), والربا معناه هو زيادة الشئ إذا كان بشيء آخر أو نفس الشئ, يعني استبدال الدرهم بدرهمين, أو جرام الدهب بجرامين.
بداية المعاملة بالربا
تم بدء التعامل بالربا منذ زمن طويل حيث قام اليهود بالتعامل به في العصور القديمة, وكانوا يتعاملون بالربا مع الأشخاص ذات الديانات الأخرى, وانتشر الربا في عصر الجاهلية وكان الربا من المعاملات التجارية الاساسية بين الكثير من التجار والكثير من الناس.
أنواع الربا
تتعدد أنواع الربا وتتمثل أنواعه في:-
ربا الدين
يعتبر ربا الدين هو من أنواع الربا المنتشر بين الناس وهو الربا الذي تم تحريمه في القرآن الكريم, وكان ذلك النوع من الربا المنتشر في الجاهلية وما زال ينتشر حتى الأن الذي تتعامل به البنوك, ويكون هذا النوع من الربا هو زيادة في الدين طالما أجل سداد هذا الدين.
ربا البيوع
يعتبر ربا البيوع هو بيع السلعة بمثلها أو بسلعة تختلف عنها ولكن بزيادتها ويقسم هذا النوع من الربا إلى نوعين وهما ربا الفضل وربا النسبة وهما:-
ربا الفضل
ربا النسيئة
- ويعتبر ربا النسيئة هو تضاعف القيمة، ويعتبر هذا النوع من الربا ينتشر بكثرة أيضا، ويتمثل ذلك في إعطاء الشخص عشرة دينار لشخص أخر على أن يتم ردهم بعد فترة زمنية معينة عشرون دينارا.
- تحريم الربا
- حرم الله الربا تحريما قويا, وحذر الله تعالى في القرآن الكريم لكل الأشخاص الذين يتعاملون به, وذكر الله تعالى في الآيات القرآنية وذلك دليل على مدى شدة الحرمانية للذين يتعاملون بالربا.
- وذلك في قوله تعالى ( وأحل الله البيع وحرم الربا) (يمحق الله الربوا ويربي الصدقات),(يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربوا إن كنتم مؤمنين*فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله).
- وفي هذه الآيات تحذير شديد للمؤمنين الذين يتعاملون بالربا, وفيها ايضا تواعد للذين يتعاملون به بعدم وجود بركة في أموالهم, وأنهم سينالون غضبا شديدا من الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم.
لماذا حرم الله الربا؟
حرم الله الربا وذلك لوجود عدة أسباب وتتمثل في:-
- قطع الود والمحبة بس الأشخاص وبعضها البعض وذلك يحدث عندما يقوم شخص بأعطاء شخص قيمة من الفلوس على أن يتم إعادة هذه الفلوس بنفس قيمتها ذلك يخلق مشاعر وألفه وود وحب بين الناس.
- ولكن عندما يقوم الشخص برد قيمة الفلوس ومضاف عليها فائدة من الفلوس, ذلك يخلق مشاعر بغض وكره وحقد بين الأشخاص, فذلك الربا يجعل من صاحب المال من الأغنياء, ويزيد الشخص الأخر من فقره فيجعله دائما مضطرا دائما اللجوء إلى الربا لسد حاجته لعدم قدرته سد الفلوس بزيادة الفوائد.
- كما يعمل الربا على وجود فروقات بين الأشخاص وبعضها البعض, والربا يجعل صاحب الفلوس أن يحصل على الفلوس الكثير دون جهد او تعب والله سبحانه وتعالى يحب أن كل إنسان يعمل ويسعى لطلب الرزق الحلال.
حكم الربا في الإسلام
ذكر تحريم الربا في القرآن الكريم والسنة النبوية, وكان بإجماع العلماء والسلف الصالح على تحريم الربا وذلك بيان أدلة التحريم في القرآن الكريم والسنة النبوية:-
التحريم في القرآن الكريم
- وذكر حرمانية الربا في القرآن الكريم, ودليله على أنه ينافي الفطرة الانسانية ويقابله في ذلك واستحسن الزكاة وذلك في قوله تعالى (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّـهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ).
- وقال الله تعالى في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ*وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ), وحرم الله الربا نهائيا ومدي قبح هذا وأثاره التي تترتب عليه من ظلم وأكل حقوق الغير والآثار الأخرى الكثيرة.
- قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّـهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
- واكد الله سبحانه وتعالى في وجود اختلاف كبير بين البيع والربا, أي أن وجود أي زيادة على رأس المال بها حرمانية إذا كانت هذه الزيادة كثيرة أم زيادة قليلة.
التحريم في السنة النبوية
- وذكر في السنة النبوية الصحيحة مدى حرمانية الربا بصراحة تاما, وقد وضح في الأحاديث الحرمانية من القرآن الكريم, وقد ذكر في بعض الأحاديث أنواع أخري من الربا لم يتم ذكرها في القرآن الكريم ومن ضمن هذه الأحاديث مايلي:-
- أكّد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على تحريم الربا؛ فقال في خُطبة حجّة الوداع: (أَلَا وإنَّ كلَّ رِبًا في الجاهِلِيَّةِ موضوعٌ، لكم رؤوسُ أموالِكم لا تَظْلِمُونَ ولا تُظْلَمُونَ غَيْرَ رِبَا العباسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فإنه موضوعٌ كُلُّهُ).
- وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على مدى حرمانية ربا النسيئة في قوله (أَلا إنَّما الرِّبا في النَّسِيئَةِ)، ويقصد في قوله بربا النسيئة, هو وجود أي زيادة في أحد الأشياء مقابل التأخير في السداد.
- وحرمت السنة النبوية أيضا ربا البيع, فقد قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ، فإذا اخْتَلَفَتْ هذِه الأصْنافُ، فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ، إذا كانَ يَدًا بيَدٍ).
- فالنبي صلى الله عليه وسلم- أوضح نوع من الربا ويعرف بأصناف محددة ويتم قياسها علي غيرها من الأصناف, لذلك يحب التماثل أ توحد الجنس, ومثل ذلك بيع الذهب بالذهب بالمقدار نفسه, وقبضهم في نفس القاعدة, ولايوجد شرط التماثل إذا وجد أختلاف في الصنفان, وإنما التقابض.
لماذا حرم الله الربا ؟
قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ 1.
و قال عز من قائل: ﴿ وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ 2.
علة تحريم الربا
لم يحرم الله الربا إلا لما فيه من الأضرار الخطيرة التي تقضي على سلامة الاقتصاد و لما يتسبب من إمتصاص ثروات الناس حتى يفتقروا الى لقمة العيش و يدوروا في دوامة الديون المتزايدة التي لا خلاص لهم منها حتى لو اشتغلوا ليل نهار، و في المقابل يحصل المرابون أصحاب الثروات المحرمة على المزيد من الأموال دون أي جهد أو عمل ناتج.
فالربا ليس إلا تعطيلاً للحركة الاقتصادية السلمية التي تعود بالربح و النفع على الجميع، و ليس الربا إلا أكل المال بالباطل و توسيع دائرة الفقر و زيادة نسبة الفقراء.
و الربا ليس إلا عاملاً أساسياً للقضاء على اصطناع المعروف في المجتمع، فإذا تفشى الربا فلا أحد يُقرض أخاه لوجه الله، و تتكدس الأموال عند فسقة الناس و تموت القيم و تنشط قوى الشر و الفساد و تنعدم الرحمة بين الناس.
اسباب تحريم الربا في الاحاديث الشريفة
رُوِيَ عن رسول الله صلى الله عليه و آله أنهُ قَالَ: ” شَرُّ الْمَكَاسِبِ كَسْبُ الرِّبَا” 3.
قال الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام: “… وَ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الرِّبَا لِمَا نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ وَ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسَادِ الْأَمْوَالِ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اشْتَرَى الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ كَانَ ثَمَنُ الدِّرْهَمِ دِرْهَماً وَ ثَمَنُ الْآخَرِ بَاطِلًا، فَبَيْعُ الرِّبَا وَ شِرَاؤُهُ وَكْسٌ 4 عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلَى الْمُشْتَرِي وَ عَلَى الْبَائِعِ، فَحَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْعِبَادِ الرِّبَا لِعِلَّةِ فَسَادِ الْأَمْوَالِ، كَمَا حَظَرَ عَلَى السَّفِيهِ أَنْ يُدْفَعَ إِلَيْهِ مَالُهُ لِمَا يُتَخَوَّفُ عَلَيْهِ مِنْ إِفْسَادِهِ حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدُهُ، فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الرِّبَا… ” 5.
و قال عليه السلام أيضاً: “… وَ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الرِّبَا بِالنِّسْيَةِ لِعِلَّةِ ذَهَابِ الْمَعْرُوفِ وَ تَلَفِ الْأَمْوَالِ وَ رَغْبَةِ النَّاسِ فِي الرِّبْحِ وَ تَرْكِهِمُ الْقَرْضَ وَ الْفَرْضَ وَ صَنَائِعَ الْمَعْرُوفِ، وَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ وَ الظُّلْمِ وَ فَنَاءِ الْأَمْوَالِ” 6.
وَ سَأَلَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ عِلَّةِ تَحْرِيمِ الرِّبَا ؟
فَقَالَ: “إِنَّهُ لَوْ كَانَ الرِّبَا حَلَالًا لَتَرَكَ النَّاسُ التِّجَارَاتِ وَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فَحَرَّمَ اللَّهُ الرِّبَا لِيَفِرَّ النَّاسُ مِنَ الْحَرَامِ إِلَى الْحَلَالِ وَ إِلَى التِّجَارَاتِ وَ إِلَى الْبَيْعِ وَ الشِّرَاءِ فَيَبْقَى ذَلِكَ بَيْنَهُمْ فِي الْقَرْضِ” 7.
و رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ … ﴾ 8، قَالَ: “يَعْنِي بِالْمَعْرُوفِ الْقَرْضَ، وَ إِنَّمَا حَرَّمَ الرِّبَا لِيَتَقَارَضَ النَّاسُ” 9.
- 1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 275، الصفحة: 47.
- 2. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 161، الصفحة: 103.
- 3. من لا يحضره الفقيه: 4 / 377، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق، المولود سنة: 305 هجرية بقم، و المتوفى سنة: 381 هجرية، طبعة انتشارات إسلامي التابعة لجماعة المدرسين، الطبعة الثالثة، سنة: 1413 هجرية، قم / إيران.
- 4. الوَكْسُ: هو النقص و الغبن.
- 5. من لا يحضره الفقيه: 3 / 566.
- 6. نفس المصدر.
- 7. من لا يحضره الفقيه: 3 / 567.
- 8. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 114، الصفحة: 97.
- 9. فقه القرآن: 1 / 384، لسعيد بن هبة الله قطب الدين الراوندي، المتوفى سنة: 573 هجرية، طبعة سنة: 1405 هجرية، قم/إيران.
الرئيسيةفتاوى و أحكام من حِكم تحريم الإسلام للربا
من حِكم تحريم الإسلام للربا
تاريخ النشر: ثلاثاء, 06/23/2020 – 15:40انشرFacebookTwitter
السؤال: من المعلوم أن ما فيه فائدة للإنسان لا يحرمه الإسلام، فلماذا حرم الإسلام الربا، وما الحكمة من ذلك التحريم؟
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فتحريم الربا يرتبط بالعلة لا بالحكمة، كما أنه من الواجب على المسلم أن يمتثل أمر الله تعالى فيما أمر ونهى، ولتحريم الربا جوانب عديدة، من الناحية الأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي ذلك يقول الشيخ الدكتور القرضاوي:
الإسلام حين شدد في أمر الربا وأكد حرمته، إنما راعى مصلحة البشرية في أخلاقها واجتماعها واقتصادها. وقد ذكر علماء الإسلام في حكمة تحريم الربا وجوها معقولة، كشفت الدراسات الحديثة وجاهتها وأكدتها وزادت عليها.
ونكتفي بما ذكره الإمام الرازي في تفسيره:
أولا: أن الربا يقتضي أخذ مال الإنسان من غير عوض؛ لأن من يبيع الدرهم بدرهمين يحصل له زيادة درهم من غير عوض ومال الإنسان متعلق بحاجته، وله حرمة عظيمة، كما في الحديث: “حرمة مال الإنسان كحرمة دمه” فوجب أن يكون أخذ ماله من غير عوض محرما.
ثانيا: أن الاعتماد على الربا يمنع الناس عن الاشتغال بالمكاسب؛ وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة عقد الربا من تحصيل الدرهم الزائد، نقدا كان أو نسيئة، خف عليه اكتساب وجه المعيشة، فلا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعات الشاقة وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق. ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات والحرف والصناعات والعمارات. (ولا شك أن هذه الحكمة مقبولة من الوجهة الاقتصادية)
ثالثا: أنه يفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس من القرض؛ لأن الربا إذا حرم طابت النفوس بقرض الدرهم واسترجاع مثله، ولو حل الربا لكانت حاجة المحتاج تحمله على أخذ الدرهم بدرهمين، فيفضي ذلك إلى انقطاع المواساة والمعروف والإحسان. (وهذا تعليل مسلم من الجانب الأخلاقي).
رابعا: الغالب أن المقرض يكون غنيا، والمستقرض يكون فقيرا فالقول بتجويز عقد الربا تمكين للغني من أن يأخذ من الفقير الضعيف مالا زائدا وذلك غير جائز برحمة الرحيم. (وهذه نظرة إلى الجانب الا جتماعي).
ومعنى هذا أن الربا فيه اعتصار الضعيف لمصلحة القوي، ونتيجته أن يزداد الغني غنى والفقير فقرا. مما يفضي إلى تضخم طبقة من المجتمع على حساب طبقة أو طبقات أخرى مما يخلق الأحقاد والضغائن، ويورث نار الصراع بين المجتمع بعضه مع بعض، ويؤدي إلى الثورات المتطرفة والمبادئ الهدامة. كما أثبت التاريخ القريب خطر الربا والمرابين على السياسة والحكم والأمن المحلي والدولي جميعا.
والله أعلم
لماذاحرم ألإسلام ألقمار
الحكمة من تحريم القمار
4013
تاريخ النشر : 11-08-1999
السؤال
ما الحكمة الشرعية من تحريم القمار ؟
الجواب
الحمد لله.
القمار حرام لأنّ الله حرّمه وهو سبحانه وتعالى يحكم ما يشاء قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) .
وأما الحكمة في تحريمه فإنّ العاقل يرى في ذلك أسبابا كثيرة منها :
1- القمار يجعل الإنسان يعتمد في كسبه على المصادفة والحظ ، والأماني الفارغة لا على العمل والجد وكد اليمين ، وعرق الجبين ، واحترام الأسباب المشروعة .
2- القمار أداة لهدم البيوت العامرة ، وفقد الأموال في وجوه محرمة ، وافتقار العوائل الغنية ، وإذلال النفوس العزيزة ..
3- القمار يورث العداوة والبغضاء بين المتلاعبين بأكل الأموال بينهم بالباطل ، وحصولهم على المال بغير الحق .
4- القمار يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، ويدفع بالمتلاعبين إلى أسوأ الأخلاق ، واقبح العادات .
5- القمار هواية آثمة تلتهم الوقت والجهد ، وتعوّد على الخمول والكسل ، وتعطل الأمة عن العمل والإنتاج .
6- القمار يدفع صاحبه إلى الإجرام لأن الفريق المفلس يريد أن يحصل على المال من أي طريق
كان ، ولو عن طريق السرقة والاغتصاب ، أو الرشوة والاختلاس .
7- القمار يورث القلق ، ويسبب المرض ويحطم الأعصاب ، ويولّد الحقد ، ويؤدي في الغالب إلى الإجرام أو الانتحار أو الجنون أو المرض العضال .
8- والقمار يدفع المقامر إلى أفسد الأخلاق كشرب الخمور وتناول المخدرات ، فالأجواء التي يدار فيها القمار يقل فيها الضوء ، ويكثر فيها دخان اللفائف ، وتخفت الأصوات وترتفع الهمهمة ، يتسلل لها الهواة كأنما يفرون من العدالة ، ويدخلون في توجس وتردد ، وتلتف جموعهم حول مائدة خضراء تتصاعد حولها أنفاسهم المضطربة ، وتخفق قلوبهم المكلومة ، والمفروض أنهم رفاق لعب ، ولكنهم في الحقيقة أعداء ، فكل منهم يتربص بالآخر ، ويعمل على أن يكسب على حسابه وحساب أولاده ، ويعمل صاحب المكان على أن يخدر أحاسيس الجميع بما يقدم لهم من موسيقى حالمة ، ونساء ضائعات ، وأنواع الشراب ، وأنواع التدخين ، وتكثر حول المائدة الخضراء ضروب الغش والخداع ، فالسقاة والمطعمون والفتيات يكشفون أوراق لاعب إلى لاعب ، ويغمزون ويهمسون لينصروا بالباطل واحداً على الآخر ، وليقيموا أحياناً نوعاً من التوازن يضمن استمرار اللعب وطول اللقاء ، ويخسر الجميع بلا شك ، يخسرون بما يدفعونه ثمناً للشراب والتدخين ، وما يدفعون للسقاة والمطعمين ، وما يقدمونه من شراب للفتيات ، وتتفاوت بعد ذلك الخسارة ، فالرابح الذي نجح في كل الجولات أو أكثرها لا يتبقى معه من الربح شيء على الإطلاق أو لا يتبقى معه إلا مقدار ضئيل ، وأما الخاسر فقد خسر كل شيء ، وفي آخر الليل يتسللون جميعاً وقد علتهم الكآبة والخزي ، والخاسر يتوعد الرابح إلى الغد . أحمد شلبي ، الحياة الاجتماعية في التفكير الإسلامي ص 241 .
كم من بيوت افتقرت بسبب القمار ، وكم من بطون جاعت وأجسام عريت أو لبست الأسمال وكم من زواج فشل ، ووظيفة ضاعت لأن صاحبها اختلس ليقامر ، وكم من رجل باع دينه وعِرضه على مائدة القمار ، فالقمار يدمر كل شيء وهو إن كان هدفه المال ولكنه يشمل الخمر والتدخين ورفاق السوء والظلام والغموض والغش والكراهية والتربص والاختلاس وكل صفات الشر .
من كتاب قضايا اللهو والترفيه ص 388
نسأل الله السلامة والعافية .
شرع الله
تحريم القمار
ألتاريخ: 30 سبتمبر 2006
حرم الله القمار أو الميسر بقوله (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) فإننا إذا نظرنا إلى القمار وجدناه يوقع العداوة والبغضاء بين الناس ويولد الحقد بينهم، فيخسر الخاسر ويخرج المال من يده من غير مقابل كما هو في البيع والشراء، فيحقد الطرف الخاسر على الطرف الفائز، وتنشأ عن هذا الحقد أمراض خطيرة كقتل النفس وغيره.
والمقامر أيضاً ينجر من مقامرة صغيرة إلى مقامرة أكبر ليعوض خسارته، إلا أنه يقع في خسارة أخرى وأخرى ثم إنه ربما راهن على كل ثروته في النهاية ليعوض خسارته السابقة فيخسرها في دقائق، فهل يمكن تصور ما يشتغل في صدره من حقد وعداوة وبغضاء تجاه من كسبوا المقامرة؟ ولا يقتصر شعور العداوة على ما بين المقامرين، بل يمتد ليشمل العلاقة بين المقامر وأسرته، فهو حرمهم من ضروريات الحياة ليضيعها على موائد القمار.
ثم إن القمار أيضاً من شأنه التلهي وضياع الوقت فيما لا طائل من ورائه وضياع أوقات الصلاة والانصراف عن العبادة وعن ذكر الله، إنه شخص قاسي القلب لا ينتبه إلى ذكر الله سواء ربح المقامرة أو خسر، فإذا خسر انشغل قلبه بالخسارة وخارت أعصابه، وإذا ربح أنسته الفرحة بمكسبه الآثم كل شيء إلا في محاولات لكسب المزيد، وهذا الرجل لا يمكن أن يكون ذاكراً لله مقبلاً عليه.
والقمار أيضاً وسيلة للكسب من غير عمل منتج يفيد المجتمع، والمفروض أن يكون كسب الرجل من عمل يعود عليه بالربح وعلى الاقتصاد العام بالتقدم، إلا أن القمار يقتل روح الكفاح والعمل في نفوس المقامرين فلا يتخذون حرفة ولا عملاً شريفاً يتكسبون منه، هذا العمل الشريف يعود بالنفع على الجماعة حاضراً وآجلاً، فالصناعة تنتج الآلات المفيدة والسلع المفيدة للناس،
والزراعة تنبت الخضار والفواكه التي يقتات منها الناس، والتجارة تقرب السلع إلى المستهلك وتنقلها من بلد إلى بلد من أجل وصولها إلى راغبها، إلا أن القمار لا يقوم بذلك كله، بل هو تدوير الأموال من يد إلى يد أخرى من غير تنمية حقيقية وتطوير وعمران. والقمار كذلك يتضمن معنى الربا، إذ إن المقامر أو المراهن يدفع أحياناً مبلغاً ضئيلاً ويتلقى إذا كسب المقامرة مبلغاً أكبر قد يكون عدة أضعاف المبلغ الذي دفعه، فالقمار صنو الربا في الضرر والغرر.
وربما يسأل سائل عن المنفعة في القمار التي ذكرها الله بقوله (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما) فهل في الميسر منفعة؟ الجواب عن ذلك أن نعرف الميسر الذي كان في الجاهلية، فقد كان الميسر عندهم من نوع القمار الخيري كما يسمى اليوم، فقد كان العرب يشترون الجمل فإذا ربح المقامر وزع لحم الجمل على الفقراء ولا يأكل منه شيئاً،
فميسر الجاهلية أقل ضرراً من ميسر الجاهلية المعاصرة التي تطلب الربح لنفسها ويرجع الربح كله من ملذات المقامر دون أن يتصدق بشيء منه للمحتاجين، فهذا ما قصده الله من المنفعة، وهي مآل الجمل الذي قامروا عليه إلى المساكين والمحتاجين، إلا أن الأضرار التي ذكرها الله عنها تفوق بأضعاف مضاعفة هذه الحسنة فقال (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون).
فقال الصحابة: انتهينا يا رب، فقد انصاعوا للأمر الإلهي من أول كلمة، وقد علموا أيضاً أضرارها ومفاسدها، فجاء الأمر الإلهي مطابقاً لما استقر في أذهانهم من مآلاتها الفاسدة. ونحن اليوم كدعاة إلى الله أن نبين الحكم الإلهي فيها، كما نبين المفاسد التي دلنا العقل عليها، ولا مانع من الاستشهاد بأقوال غير المسلمين بما يطمئن المسلم بشرع الله أكثر، فإن النفس قد تركن إلى المصلحة الدنيوية، وتشمئز أيضاً من ارتكاب أمر ما إذا رأت ما آل إليه الناس ممن ابتلاهم الله به.
زكريا الطحان
العلة في تحريم القمار
- تاريخ النشر:السبت 28 شوال 1422 هـ – 12-1-2002 م
رقم الفتوى: 13454
السؤال
ما الفرق بين القمار والمتاجرة بالأسهم ونحن نعرف سوق الأسهم والتلاعبات التي تحدث فيه ورفع الأسعار وتنزيلها بالدعاية الكاذبة والكولسات الجانبية، كما أنه يوجد الكثير من الناس يدمنون هذا العمل الغير انتاجي وإن كان هذا العمل يتحمل الربح والخسارة فالقمار كذلك.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بين حكم المتاجرة بالأسهم تحت الفتوى رقم: 3099، والفتوى رقم: 1214.
وكون المقامر يتردد حاله بين الغنم والغرم لا يعني أن كل معاملة يجري فيها الغنم والغرم تكون قماراً، وإلا لحرمت سائر أنواع البيوع والشركات.
وإنما حرم القمار لكونه لا يشتمل على معاوضة، ولا يبذل الإنسان فيه جهداً غير دفع ماله، فهو أكل لأموال الناس بالباطل، وهو مفضٍ لحصول العداوة والبغضاء بين الناس، كما قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة:90-91].
والله أعلم.